تيسير الكريم المنان في تفسير القرآن لابن سعدي - ابن سعدي [إخفاء]  
{وَزُرُوعٖ وَنَخۡلٖ طَلۡعُهَا هَضِيمٞ} (148)

{ أَتُتْرَكُونَ فِي مَا هَاهُنَا آمِنِينَ * فِي جَنَّاتٍ وَعُيُونٍ * وَزُرُوعٍ وَنَخْلٍ طَلْعُهَا هَضِيمٌ } أي نضيد كثير أي أتحسبون أنكم تتركون في هذه الخيرات والنعم سدى تتنعمون وتتمتعون كما تتمتع الأنعام وتتركون سدى لا تؤمرون ولا تنهون وتستعينون بهذه النعم على معاصي الله

 
التفسير الوسيط للقرآن الكريم لسيد طنطاوي - سيد طنطاوي [إخفاء]  
{وَزُرُوعٖ وَنَخۡلٖ طَلۡعُهَا هَضِيمٞ} (148)

ثم وعظهم بما يرقق القلوب ، وبما يحمل العقلاء على شكر الله - تعالى - على نعمه فقال لهم : { أَتُتْرَكُونَ فِي مَا هَاهُنَآ آمِنِينَ فِي جَنَّاتٍ وَعُيُونٍ وَزُرُوعٍ وَنَخْلٍ طَلْعُهَا هَضِيمٌ . . } .

والاستفهام للإنكار . والطلع : اسم من الطلوع وهو الظهور ، وأصله ثمر النخل فى أول ما يطلع ، وهو بعد التلقيح يسمى خلالا - بفتح الخاء - ثم يصير بسرا ، فرطبا ، فتمرا .

والهضيم : اليانع والنضيج ، أو الرطب اللين اللذيذ الذى تداخل بعضه فى بعض وهو وصف للطلع الذى قصد به الثمار الناضجة الطيبة لصيرورته إليها .

والمعنى : أتظنون أنكم متروكون بدون حساب أو سؤال من خالقكم - عز وجل - وأنتم تتقلبون فى نعمه التى منها ما أنتم فيه من بساتين وأنهار وزروع كثيرة متنوعة .

إن كنتم تظنون ذلك ، فأقلعوا عن هذا الظن ، واعتقدوا بأنكم أنتم وما بين أيديكم من نعم ، إلى زوال ، وعليكم أن تخلصوا لخالقكم العبادة والشكر لكي يزيدكم من فضله . .

فأنت ترى أن - صالحا - عليه السلام قد استعمل مع قومه أرق ألوان الوعظ ، لكي يوقظ قلوبهم الغافلة ، نحو طاعة الله - تعالى - وشكره ، وقد استعمل فى وعظه لفت أنظارهم إلى ما يتقلبون فيه من نعم تشمل البساتين والعيون ، الزروع المتعددة ، والنخيل الجيدة الطلع ، اللذيذة الطعم ، حتى لكأن ثمرها لجودته ولينه ، لا يحتاج إلى هضم فى البطون .

 
في ظلال القرآن لسيد قطب - سيد قطب [إخفاء]  
{وَزُرُوعٖ وَنَخۡلٖ طَلۡعُهَا هَضِيمٞ} (148)

ثم يزيد ما هو من شأن ثمود خاصة ، وما تقتضيه طبيعة الموقف وطبيعة الظروف . إذ يذكرهم أخوهم صالح بما هم فيه من نعمة - [ وقد كانوا يسكنون بالحجر بين الشام والحجاز ، وقد مر النبي [ صلى الله عليه وسلم ] بدورهم المدمرة مع صحابته في غزوة تبوك ] - ويخوفهم سلب هذه النعمة ، كما يخوفهم ما بعد المتاع من حساب على ما كان من تصرفهم فيه :

أتتركون فيما ها هنا آمنين . في جنات وعيون . وزروع ونخل طلعها هضيم . وتنحتون من الجبال بيوتا فارهين ? .

وإنهم ليعيشون بين هذا المتاع الذي يصوره لهم أخوهم صالح . ولكنهم يعيشون في غفلة عنه لا يفكرون فيمن وهبهم إياه ؛ ولا يتدبرون منشأه ومأتاه ، ولا يشكرون المنعم الذي أعطاهم هذ النعيم . فيأخذ رسولهم في تصوير هذا المتاع لهم ليتدبروه ويعرفوا قيمته ، ويخافوا زواله .

وفيما قاله لهم لمسات توقظ القلوب الغافية ، وتنبه فيها الحرص والخوف : ( أتتركون في ما هاهنا آمنين ? )أتظنون أنكم متروكون لهذا الذي أنتم فيه من دعة ورخاء ومتعة ونعمة . . وسائر ما يتضمنه هذا الإجمال من تفخيم وتضخيم . . أتتركون في هذا كله آمنين لا يروعكم فوت ، ولا يزعجكم سلب ، ولا يفزعكم تغيير ?

أتتركون في هذا كله من جنات وعيون ، وزروع متنوعات ، ونخل جيدة الطلع ، سهلة الهضم حتى كأن جناها مهضوم لا يحتاج إلى جهد في البطون ! وتتركون في البيوت تنحتونها في الصخور بمهارة وبراعة ، وفي أناقة وفراهة ?

 
تفسير القرآن العظيم لابن كثير - ابن كثير [إخفاء]  
{وَزُرُوعٖ وَنَخۡلٖ طَلۡعُهَا هَضِيمٞ} (148)

قال العوفي ، عن ابن عباس : أينع وبَلَغ ، فهو هضيم .

وقال علي بن أبي طلحة ، عن ابن عباس : { وَنَخْلٍ طَلْعُهَا هَضِيمٌ } يقول : مُعشبة .

[ و ]{[21824]} قال إسماعيل بن أبي خالد ، عن عمرو بن أبي عمرو - وقد أدرك الصحابة - عن ابن عباس ، في قوله : { وَنَخْلٍ طَلْعُهَا هَضِيمٌ } قال : إذا رطُب واسترخى . رواه ابن أبي حاتم ، قال : ورُوي عن أبي صالح نحو هذا .

وقال أبو إسحاق ، عن أبي العلاء : { وَنَخْلٍ طَلْعُهَا هَضِيمٌ } قال : هو المذنب من الرطب .

وقال مجاهد : هو الذي إذا كُبس{[21825]} تهشم وتفتت وتناثر .

وقال ابن جريج : سمعت عبد الكريم أبا أمية ، سمعت مجاهدا يقول : { وَنَخْلٍ طَلْعُهَا هَضِيمٌ } قال : حين يطلعُ تقبض عليه فتهضَمه ، فهو من الرطب الهضيم ، ومن اليابس الهشيم ، تقبض عليه فتهشمه .

وقال عكرمة : وقتادة ، الهضيم : الرطب اللين .

وقال الضحاك : إذا كثر حمل الثمرة{[21826]} ، وركب بعضه بعضًا ، فهو هضيم .

وقال مرة : هو الطَّلْعُ حين يتفرق ويخضر .

وقال الحسن البصري : هو الذي لا نوى له .

وقال أبو صخر : ما{[21827]} رأيت الطلعَ حين يُشق{[21828]} عنه الكمّ ، فترى الطلع قد لصق بعضه ببعض ، فهو الهضيم .


[21824]:- زيادة من أ.
[21825]:- في ف ، أ : "مس".
[21826]:- في ف ، أ : "حمل النخلة المثمرة".
[21827]:- في ف ، أ : "أما".
[21828]:- في ف ، أ : "يتشقق".
 
أنوار التنزيل وأسرار التأويل للبيضاوي - البيضاوي [إخفاء]  
{وَزُرُوعٖ وَنَخۡلٖ طَلۡعُهَا هَضِيمٞ} (148)

{ وزروع ونخل طلعها هضيم } لطيف لين للطف الثمر ، أو لأن النخل أنثى وطلع وأناث النخل ألطف وهو ما يطلع منها كنصل السيف في جوفه شماريخ القنو ، أو متدل منكسر من كثرة الحمل ، وإفراد ال{ نخل } لفضله على سائر أشجار الجنات أو لأن المراد بها غيرها من الأشجار .