{ فَإِنْ تَوَلَّوْا } عما دعوتكم إليه { فَقَدْ أَبْلَغْتُكُمْ مَا أُرْسِلْتُ بِهِ إِلَيْكُمْ } فلم يبق عليَّ تبعة من شأنكم .
{ وَيَسْتَخْلِفُ رَبِّي قَوْمًا غَيْرَكُمْ } يقومون بعبادته ، ولا يشركون به شيئا ، { وَلَا تَضُرُّونَهُ شَيْئًا } فإن ضرركم ، إنما يعود عليكم ، فالله لا تضره معصية العاصين . ولا تنفعه طاعة المطيعين { من عمل صالحا فلنفسه ومن أساء فعليها } [ { إِنَّ رَبِّي عَلَى كُلِّ شَيْءٍ حَفِيظٌ } ] .
ثم ختم هود - عليه السلام - رده على قومه ، بتحذيرهم من سوء عاقبة إصرارهم على كفرهم فقال : { فَإِن تَوَلَّوْاْ فَقَدْ أَبْلَغْتُكُمْ مَّآ أُرْسِلْتُ بِهِ إِلَيْكُمْ . . . }
أى : فإن تتولوا عن دعوتى ، وتعرضوا عن الحق الذى جئتكم به من عند ربى ، فتكون عاقبتكم خسرا ، وأمركم فرطا .
أما أنا فقد أديت واجبى ، وأبلغتكم ما أرسلت به إليكم من عند ربى بدون تكاسل أن تقصير . وقوله { وَيَسْتَخْلِفُ رَبِّي قَوْماً غَيْرَكُمْ وَلاَ تَضُرُّونَهُ شَيْئاً } وعيد لهم بإهلاكهم وإحلال غيرهم محلهم .
أى : وهو - سبحانه - سهلككم بسبب إصراركم على كفركم فى الوقت الذى يشاؤه ، ويستخلف من بعدكم قوما آخرين سواكم ، يرثون دياركم وأموالكم ، ولن تضروا الله شيئا من الضرر بسبب إصراركم على كفركم ، وإنما أنتم الذين تضرون أنفسكم بتعريضها للدمار فى الدنيا ، وللعذاب الدائم فى الآخرة .
وقوله : { إِنَّ رَبِّي على كُلِّ شَيْءٍ حَفِيظٌ } أى : إن ربى قائم على كل شيئ بالحفظ والرقابة والهيمنة ، وقد اقتضت سنته - سبحانه - أن يحفظ رسله وأولياءه ، وأن يخذل أعداءه .
وإلى هنا تكون السورة الكريمة قد ساقت لنا بأسلوب بليغ حكيم . جانبا من الحوار الذى دار بين هود وقومه وهو يدعوهم إلى عبادة الله وحده ، فماذا كانت نتيجة هذا الحوال والجدال ؟
( فإن تولوا فقد أبلغتكم ما أرسلت به إليكم ) . .
فأديت واجبي لله ، ونفضت يدي من أمركم لتواجهوا قوة الله سبحانه :
( ويستخلف ربي قوما غيركم ) . .
يليقون بتلقي دعوته ويستقيمون على هدايته بعد إهلاككم ببغيكم وظلمكم وانحرافكم .
فما لكم به من قوة ، وذهابكم لا يترك في كونه فراغا ولا نقصا . .
( إن ربي على كل شيء حفيظ ) . .
يحفظ دينه وأولياءه وسننه من الأذى والضياع ، ويقوم عليكم فلا تفلتون ولا تعجزونه هربا !
وكانت هي الكلمة الفاصلة . وانتهى الجدل والكلام . ليحق الوعيد والإنذار :
يقول لهم [ رسولهم ]{[14694]} هود : فإن تولوا عما جئتكم به من عبادة الله ربكم وحده لا شريك له ، فقد قامت عليكم الحجة بإبلاغي إياكم رسالة الله التي بعثني بها ، { وَيَسْتَخْلِفُ رَبِّي قَوْمًا غَيْرَكُمْ } {[14695]} يعبدونه وحده لا يشركون به [ شيئًا ]{[14696]} ولا يبالي بكم : فإنكم لا تضرونه بكفركم بل{[14697]} يعود وَبَال ذلك عليكم ، { إِنَّ رَبِّي عَلَى كُلِّ شَيْءٍ حَفِيظٌ } أي : شاهد وحافظ لأقوال عباده وأفعالهم ويجزيهم{[14698]} عليها إن خيرا فخير ، وإن شرا فشر .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.