تأويلات أهل السنة للماتريدي - الماتريدي  
{فَإِن تَوَلَّوۡاْ فَقَدۡ أَبۡلَغۡتُكُم مَّآ أُرۡسِلۡتُ بِهِۦٓ إِلَيۡكُمۡۚ وَيَسۡتَخۡلِفُ رَبِّي قَوۡمًا غَيۡرَكُمۡ وَلَا تَضُرُّونَهُۥ شَيۡـًٔاۚ إِنَّ رَبِّي عَلَىٰ كُلِّ شَيۡءٍ حَفِيظٞ} (57)

وقوله تعالى : ( فَإِنْ تَوَلَّوْا فَقَدْ أَبْلَغْتُكُمْ مَا أُرْسِلْتُ بِهِ إِلَيْكُمْ ) يحتمل على الإضمار ؛ أي فإن تولوا عن إجابتك وطاعتك [ فقل : قد أبلغتكم ][ في الأصل : فقال : قد أبلغتك ، في م : فقل قد أبلغتك ] رسالات ربي لأن قوله : ( فإن تولوا ) إنما هو خبر ، وقوله : ( فقد أبلغتكم ) خطاب . وأمكن أن يكونا جميعا على الخطاب ؛ يقول : فإن توليتم عن إجابتي في ما أدعوكم إليه ( فَقَدْ أَبْلَغْتُكُمْ مَا أُرْسِلْتُ بِهِ إِلَيْكُمْ ) وليس علي إلا تبليغ الرسالة إليكم كقوله : ( وما على الرسول إلا البلاغ المبين )[ النور : 54 ] وكقوله : ( إن عليك إلا البلاغ )[ الشورى : 48 ] يقول : إنما علي إبلاغ الرسالة إليكم ، ليس علي جرم توليكم عن إجابتي كقوله : ( فإن تولوا فإنما عليه ما حمل وعليكم ما حملتم )[ النور : 54 ] ونحوه ، والله أعلم .

وقوله تعالى : ( وَيَسْتَخْلِفُ رَبِّي قَوْماً غَيْرَكُمْ ) خلفكم لأنهم كانوا يقولون : ( من أشد منا قوة )[ فصلت : 15 ] يقول ، والله أعلم : إن قوة أبدانكم وبطشكم ، لا يعجز الله عن إهلاككم . وفيه أن عادا ليسوا هم النهاية في العالم ، بل يكون بعدهم قوم غيرهم ، والله أعلم .

وقوله تعالى : ( وَلا تَضُرُّونَهُ شَيْئاً ) [ يحتمل وجوها :

أحدها ][ في الأصل وم : أي ] : لا تضرونه بتوليتكم عن إجابتي وردكم رسالة الله إليكم ؛ ليس لملوك الأرض إذا تولى عنهم خدمهم وحشمهم ضرهم ذلك .

والثاني : ( ولا تضرونه ) كما يضر ملوك الأرض بالقتال والحرب بعضهم بعضا .

والثالث : ( وَلا تَضُرُّونَهُ شَيْئاً ) لأنه لا منفعة له[ أدرج بعدها في الأصل وم : فيه ] في ما يدعوكم حتى يضره ذلك ؛ إذ ليس يدعوكم إلى ما يدعو لحاجة نفسه ولا لمنفعة [ له ][ ساقطة من الأصل وم ] ، إنما يأمركم ، ويدعوكم لحاجة أنفسكم والمنفعة لكم .

والرابع[ في الأصل وم : ويحتمل ] : أن يكون ( وَلا تَضُرُّونَهُ شَيْئاً ) جواب قوله : ( فكيدوني جميعا )الآية[ هود : 55 ] .

[ وقوله تعالى ][ ساقطة من الأصل وم ] ( إِنَّ رَبِّي عَلَى كُلِّ شَيْءٍ حَفِيظٌ ) لا يخفى عليه شيء ، وإن لطف ، فكيف يخفى عليه أعمالكم وأحوالكم مع ظهورها وبُدُوِّها ؟ أو يقول : إن ربي على كل شيء حفيظ ، فيجزي عليه ؛ أي لا يذهب عنه شيء ، أي لا يفوته ، والله أعلم .