مفاتيح الغيب للرازي - الفخر الرازي  
{فَإِن تَوَلَّوۡاْ فَقَدۡ أَبۡلَغۡتُكُم مَّآ أُرۡسِلۡتُ بِهِۦٓ إِلَيۡكُمۡۚ وَيَسۡتَخۡلِفُ رَبِّي قَوۡمًا غَيۡرَكُمۡ وَلَا تَضُرُّونَهُۥ شَيۡـًٔاۚ إِنَّ رَبِّي عَلَىٰ كُلِّ شَيۡءٍ حَفِيظٞ} (57)

قوله تعالى { فإن تولوا فقد أبلغتكم ما أرسلت به إليكم ويستخلف ربي قوما غيركم ولا تضرونه شيئا إن ربي على كل شيء حفيظ }

اعلم أن قوله : { فإن تولوا } يعني فإن تتولوا ثم فيه وجهان : الأول تقدير الكلام فإن تتولوا لم أعاتب على تقصير في الإبلاغ وكنتم محجوبين كأنه يقول : أنتم الذين أصررتم على التكذيب . الثاني : { فإن تولوا فقد أبلغتكم ما أرسلت به إليكم } .

ثم قال : { ويستخلف ربي قوما غيركم } يعني يخلق بعدكم من هو أطوع لله منكم ، وهذا إشارة إلى نزول عذاب الاستئصال ولا تضرونه شيئا ، يعني أن إهلاككم لا ينقص من ملكه شيئا .

ثم قال : { إن ربى على كل شيء حفيظ } وفيه ثلاثة أوجه : الأول : حفيظ لأعمال العباد حتى يجازيهم عليها . الثاني : يحفظني من شركم ومكركم . الثالث : حفيظ على كل شيء يحفظه من الهلاك إذا شاء ويهلكه إذا شاء .