تيسير الكريم المنان في تفسير القرآن لابن سعدي - ابن سعدي [إخفاء]  
{وَأَنَّا ظَنَنَّآ أَن لَّن تَقُولَ ٱلۡإِنسُ وَٱلۡجِنُّ عَلَى ٱللَّهِ كَذِبٗا} (5)

{ 5 } { وَأَنَّا ظَنَنَّا أَنْ لَنْ تَقُولَ الْإِنْسُ وَالْجِنُّ عَلَى اللَّهِ كَذِبًا }

أي : كنا مغترين قبل ذلك ، وغرنا القادة{[1245]}  والرؤساء من الجن والإنس ، فأحسنا بهم الظن ، وظنناهم{[1246]}  لا يتجرأون على الكذب على الله ، فلذلك كنا قبل هذا على طريقهم ، فاليوم إذ بان لنا الحق ، رجعنا إليه{[1247]} ، وانقدنا له ، ولم نبال بقول أحد من الناس{[1248]}  يعارض الهدى .


[1245]:- في ب: عزتنا السادة والرؤساء.
[1246]:- في ب: وحسبناهم.
[1247]:- في ب: سلكنا طريقه.
[1248]:- في ب: الخلق.
 
التفسير الوسيط للقرآن الكريم لسيد طنطاوي - سيد طنطاوي [إخفاء]  
{وَأَنَّا ظَنَنَّآ أَن لَّن تَقُولَ ٱلۡإِنسُ وَٱلۡجِنُّ عَلَى ٱللَّهِ كَذِبٗا} (5)

وقوله : { وَأَنَّا ظَنَنَّآ أَن لَّن تَقُولَ الإنس والجن عَلَى الله كَذِباً } اعتذار منهم من كفرهم السابق ، فكأنهم يقولون بعد أن استمعوا إلى القرآن ، وآمنوا بالله - تعالى - وحده : إننا ننزه الله - تعالى - عما قاله السفهاء فى شأنه . . وإذا كنا قد اتبعناهم قبل إيماننا ، فسبب ذلك أننا صدقنا هؤلاء السفهاء فيما قالوه لنا ، وما كنا نعتقد أو نتصور أو نظن أن هؤلاء السفهاء يصل بهم الفجور والكذب . . إلى هذا الحد الشنيع .

وقوله : { كذبا } مفعول به لتقول ، أو صفة لمصدر محذوف ، أى : قولا مكذوبا

 
في ظلال القرآن لسيد قطب - سيد قطب [إخفاء]  
{وَأَنَّا ظَنَنَّآ أَن لَّن تَقُولَ ٱلۡإِنسُ وَٱلۡجِنُّ عَلَى ٱللَّهِ كَذِبٗا} (5)

( وأنه كان يقول سفيهنا على الله شططا ، وأنا ظننا أن لن تقول الإنس والجن على الله كذبا ) . .

وهذه مراجعة من الجن لما كانوا يسمعون من سفهائهم من الشرك بالله ، وادعاء الصاحبة والولد والشريك ، بعدما تبين لهم من سماع القرآن أنه لم يكن حقا ولا صوابا ، وأن قائليه إذن سفهاء فيهم خرق وجهل ، وهم يعللون تصديقهم لهؤلاء السفهاء من قبل بأنهم كانوا لا يتصورون أن أحدا يمكن أن يكذب على الله من الإنس أو الجن . فهم يستعظمون ويستهولون أن يجرؤ أحد على الكذب على الله . فلما قال لهم سفهاؤهم : إن لله صاحبة وولدا ، وإن له شريكا صدقوهم ، لأنهم لم يتصوروا أنهم يكذبون على الله أبدا . . وهذا الشعور من هؤلاء النفر بنكارة الكذب على الله ، هو الذي أهلهم للإيمان . فهو دلالة على أن قلوبهم نظيفة مستقيمة ؛ إنما جاءها الضلال من الغرارة والبراءة ! فلما مسها الحق انتفضت ، وأدركت ، وتذوقت وعرفت . وكان منهم هذا الهتاف المدوي : إنا سمعنا قرآنا عجبا يهدي إلى الرشد فآمنا به ، ولن نشرك بربنا أحدا . وأنه تعالى جد ربنا ما اتخذ صاحبة ولا ولدا . .

وهذه الإنتفاضة من مس الحق ، جديرة بأن تنبه قلوبا كثيرة مخدوعة في كبراء قريش ، وزعمهم أن لله شركاء أو صاحبة وولدا . وأن تثير في هذه القلوب الحذر واليقظة ، والبحث عن الحقيقة فيما يقوله محمد [ صلى الله عليه وسلم ] وما يقوله كبراء قريش ، وأن تزلزل الثقة العمياء في مقالات السفهاء من الكبراء ! وقد كان هذا كله مقصودا بذكر هذه الحقيقة . وكان جولة من المعركة الطويلة بين القرآن وبين قريش العصية المعاندة ؛ وحلقة من حلقات العلاج البطيء لعقابيل الجاهلية وتصوراتها في تلك القلوب . التي كان الكثير منها غرا بريئا ، ولكنه مضلل مقود بالوهم والخرافة وأضاليل المضللين من القادة الجاهليين !

 
جامع البيان عن تأويل آي القرآن للطبري - الطبري [إخفاء]  
{وَأَنَّا ظَنَنَّآ أَن لَّن تَقُولَ ٱلۡإِنسُ وَٱلۡجِنُّ عَلَى ٱللَّهِ كَذِبٗا} (5)

وقوله : وأنّا ظَنَنّا أنْ لَنْ تَقُولَ الإنْسُ والجنّ على اللّهِ كَذِبا يقول : قالوا : وأنا حسبنا أن لن تقول بنو آدم والجنّ على الله كذبا من القول والظنّ ههنا بمعنى الشكّ ، وإنما أنكر هؤلاء النفر من الجنّ أن تكون علمت أن أحدا يجتريء على الكذب على الله لما سمعت القرآن ، لأنهم قبل أن يسمعوه وقبل أن يعلموا تكذيب الله الزاعمين أن لله صاحبة وولدا ، وغير ذلك من معاني الكفر كانوا يحسبوا أن إبليس صادق فيما يدعو بني آدم إليه من صنوف الكفر فلما سمعوا القرآن أيقنوا أنه كان كاذبا في كلّ ذلك ، فلذلك قالوا : وأنّهُ كانَ يَقُولُ سَفِيهُنا على اللّهِ شَطَطا فسموه سفيها .

 
التحرير والتنوير لابن عاشور - ابن عاشور [إخفاء]  
{وَأَنَّا ظَنَنَّآ أَن لَّن تَقُولَ ٱلۡإِنسُ وَٱلۡجِنُّ عَلَى ٱللَّهِ كَذِبٗا} (5)

قرأ همزة { أن } بالكسر الجمهور وأبو جعفر ، وقرأها بالفتح ابن عامر وحفص وحمزة وَالكسائي وخلف .

فعلى قراءة كسر ( إِن ) هو من المحكي بالقول ، ومعناه الاعتذار عما اقتضاه قولهم : { فآمنا به ولن نشرك بربنا أحداً } [ الجن : 2 ] من كونهم كانوا مشركين لجهلهم وأخذهم قول سفهائهم يحسبونهم لا يكذبون على الله .

والتأكيد ب { إِن } لقصد تحقيق عذرهم فيما سلف من الإِشراك ، وتأكيد المظنون ب { لن } المفيدة لتأييد النفي يفيد أنهم كانوا متوغلين في حسن ظنهم بمن ضللوهم ويدل على أن الظن هنا بمعنى اليقين وهو يقين مخطىء .

وعلى قراءة الفتح هو عطف على المجرور بالباء في قوله : { فآمنا به } [ الجن : 2 ] فالمعنى : وآمنا فإنما ظننا ذلك فأخطأنا في ظننا .

وفي هذه الآية إشارة إلى خطر التقليد في العقيدة ، وأنها لا يجوز فيها الأخذ بحسن الظن بالمقلّد بفتح اللام بل يتعين النظر واتهام رأي المقلَّد حتى ينهض دليله .

وقرأ الجمهور { تَقُول } بضم القاف وسكون الواو . وقرأه يعقوب بفتح القاف والواو مشددة ، من التقوّل وهو نسبة كلام إلى من لم يقله وهو في معنى الكذب وأصله تتقول بتاءين فعلى هذه القراءة يكون { كذباً } مصدراً مؤكداً لفعل { تَقَوَّلَ } لأنه مرادفه .