تيسير الكريم المنان في تفسير القرآن لابن سعدي - ابن سعدي [إخفاء]  
{وَمَا كَانَ جَوَابَ قَوۡمِهِۦٓ إِلَّآ أَن قَالُوٓاْ أَخۡرِجُوهُم مِّن قَرۡيَتِكُمۡۖ إِنَّهُمۡ أُنَاسٞ يَتَطَهَّرُونَ} (82)

{ وَمَا كَانَ جَوَابَ قَوْمِهِ إِلَّا أَنْ قَالُوا أَخْرِجُوهُمْ مِنْ قَرْيَتِكُمْ إِنَّهُمْ أُنَاسٌ يَتَطَهَّرُونَ ْ } أي : يتنزهون عن فعل الفاحشة . { وَمَا نَقَمُوا مِنْهُمْ إِلَّا أَنْ يُؤْمِنُوا بِاللَّهِ الْعَزِيزِ الْحَمِيدِ ْ } .

 
التفسير الوسيط للقرآن الكريم لسيد طنطاوي - سيد طنطاوي [إخفاء]  
{وَمَا كَانَ جَوَابَ قَوۡمِهِۦٓ إِلَّآ أَن قَالُوٓاْ أَخۡرِجُوهُم مِّن قَرۡيَتِكُمۡۖ إِنَّهُمۡ أُنَاسٞ يَتَطَهَّرُونَ} (82)

ولقد حكى القرآن جوابهم القبيح على نصائح نبيهم لهم ، فقال : { وَمَا كَانَ جَوَابَ قَوْمِهِ إِلاَّ أَن قالوا أَخْرِجُوهُمْ مِّن قَرْيَتِكُمْ } .

أى : وما كان جواب الطغاة المستكبرين على نصائح نبيهم لوط - عليه السلام - إلا أن قال بعضهم لبعض أخرجوا لوطا ومن معه من المؤمنين من قريتكم سدوم التي استوطنتموها وعشتم بها .

وقوله : { إِلاَّ أَن قالوا } استثناء مفرغ من أعم الأشياء ، أى : ما كان جوابهم شيئا من الأشياء سوى قول بعضهم لبعض أخرجوهم .

لماذا هذا الإخراج ؟ بين القرآن أسبابه كما تفوهت به ألسنتهم الخبيثة ، واتفقت عليه قولبهم المنكوسة فقال : { إِنَّهُمْ أُنَاسٌ يَتَطَهَّرُونَ } بهذه الجلمة التعليلية .

أى : إن لوطا وأتباعه أناس يتنزهون عن إتيان الرجال ، وعن كل عمل من أعمالنا لا يرونه مناسبا لهم . يقال : تطهر الرجل ، أى : تنزه عن الآثام والقبائح .

وما أعجب العقول عندما تنتكس ، والأخلاق عندما ترتكس ، إنها تستنكف أن يبقى معها الطهور المتعفف عن الفحش ، وتعمل على إخراجه ، ليبقى لها الملوثون الممسوخون وإنه لمنطق يتفق مع المنحرفين الذين انحطت طباعهم ، وانقلبت موازينهم ، وزين لهم الشيطان سوء أعمالهم فرأوه حسنا .

ورحم الله صاحب الكشاف فقد قال : وقولهم : { إِنَّهُمْ أُنَاسٌ يَتَطَهَّرُونَ } سخرية بهم وبتطهرهم من الفواحش ، وافتخار بما كانوا فيه من القذارة ، كما يقول الفسقة لبعض الصلحاء إذا وعظهم : أبعدوا عنا هذا المتقشف وأريحونا من هذا المتزهد "

 
في ظلال القرآن لسيد قطب - سيد قطب [إخفاء]  
{وَمَا كَانَ جَوَابَ قَوۡمِهِۦٓ إِلَّآ أَن قَالُوٓاْ أَخۡرِجُوهُم مِّن قَرۡيَتِكُمۡۖ إِنَّهُمۡ أُنَاسٞ يَتَطَهَّرُونَ} (82)

59

ونعود إلى قوم لوط ! فيتجلى لنا الانحراف مرة أخرى في جوابهم لنبيهم :

( وما كان جواب قومه إلا أن قالوا : أخرجوهم من قريتكم ، إنهم أناس يتطهرون ) !

يا عجباً ! أو من يتطهر يخرج من القرية إخراجاً ، ليبقى فيها الملوثون المدنسون ؟ !

ولكن لماذا العجب ؟ وماذا تصنع الجاهلية الحديثة ؟ أليست تطارد الذين يتطهرون ، فلا ينغمسون في الوحل الذي تنغمس فيه مجتمعات الجاهلية - وتسميه تقدمية وتحطيماً للأغلال عن المرأة وغير المرأة - أليست تطاردهم في أرزاقهم وأنفسهم وأموالهم وأفكارهم وتصوراتهم كذلك ؛ ولا تطيق أن تراهم يتطهرون ؛ لأنها لا تتسع ولا ترحب إلا بالملوثين الدنسين القذرين ؟ ! إنه منطق الجاهلية في كل حين ! !

 
جامع البيان عن تأويل آي القرآن للطبري - الطبري [إخفاء]  
{وَمَا كَانَ جَوَابَ قَوۡمِهِۦٓ إِلَّآ أَن قَالُوٓاْ أَخۡرِجُوهُم مِّن قَرۡيَتِكُمۡۖ إِنَّهُمۡ أُنَاسٞ يَتَطَهَّرُونَ} (82)

القول في تأويل قوله تعالى : { وَمَا كَانَ جَوَابَ قَوْمِهِ إِلاّ أَن قَالُوَاْ أَخْرِجُوهُمْ مّن قَرْيَتِكُمْ إِنّهُمْ أُنَاسٌ يَتَطَهّرُونَ } .

يقول تعالى ذكره : وما كان جواب قوم لوط للوط إذ وبخهم على فعلهم القبيح وركوبهم ما حرّم الله عليهم من العمل الخبيث إلا أن قال بعضهم لبعض : أخرجوا لوطا وأهله ولذلك قيل : أخرجوهم ، فجمع وقد جرى قبل ذكر لوط وحده دون غيره . وقد يحتمل أن يكون إنما جمع بمعنى : أخرجوا لوطا ومن كان على دينه من قريتكم ، فاكتفى بذكر لوط في أوّل الكلام عن ذكر أتباعه ، ثم جمع في آخر الكلام ، كما قيل : يا أيّها النّبِيّ إذَا طَلّقْتُمُ النّساءَ وقد بيّنا نظائر ذلك فيما مضى بما أغنى عن إعادته في هذا الموضع . إنّهُمْ أُناسٌ يَتَطَهّرُونَ يقول : إن لوطا ومن تبعه أناس يتنزّهون عما نفعله نحن من إتيان الرجال في الأدبار .

وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل . ذكر من قال ذلك :

حدثنا ابن وكيع ، قال : حدثنا هانىء بن سعيد النخعي ، عن الحجاج ، عن القاسم بن أبي بزة ، عن مجاهد : إنّهُمْ أُناسٌ يَتَطَهّرُونَ قال : من أدبار الرجال وأدبار النساء .

حدثنا ابن وكيع ، قال : حدثنا أبي ، عن سفيان ، عن مجاهد : إنّهُم أُناسٌ يَتطَهّرُونَ من أدبار الرجال وأدبار النساء .

حدثني المثنى ، قال : حدثنا الحجاج ، قال : حدثنا حماد ، عن الحجاج ، عن القاسم بن أبي بزة ، عن مجاهد في قوله : إنّهُمْ أُناسٌ يَتَطَهّرُونَ قال : يتطهرون من أدبار الرجال والنساء .

حدثني المثنى ، قال : حدثنا إسحاق ، قال : حدثنا عبد الرزاق ، قال : أخبرنا الحسن بن عمارة ، عن الحكم ، عن مجاهد ، عن ابن عباس ، في قوله : إنّهُمْ أُناسٌ يَتَطَهّرُونَ قال : من أدبار الرجال ومن أدبار النساء .

حدثني محمد بن الحسين ، قال : حدثنا أحمد بن المفضل ، قال : حدثنا أسباط ، عن السديّ : إنّهُمْ أُناسٌ يَتَطَهّرُونَ قال : يتحرّجون .

حدثنا بشر بن معاذ ، قال : حدثنا يزيد ، قال : حدثنا سعيد ، عن قتادة : إنّهُمْ أُناسٌ يَتَطَهّرُونَ يقول : عابوهم بغير غيب ، وذموهم بغير ذم .

 
أنوار التنزيل وأسرار التأويل للبيضاوي - البيضاوي [إخفاء]  
{وَمَا كَانَ جَوَابَ قَوۡمِهِۦٓ إِلَّآ أَن قَالُوٓاْ أَخۡرِجُوهُم مِّن قَرۡيَتِكُمۡۖ إِنَّهُمۡ أُنَاسٞ يَتَطَهَّرُونَ} (82)

{ وما كان جواب قومه إلا أن قالوا أخرجوهم من قريتكم } أي ما جاؤوا بما يكون جوابا عن كلامه ، ولكنهم قابلوا نصحه بالأمر بإخراجه فيمن معه من المؤمنين من قريتهم والاستهزاء بهم فقالوا : { إنهم أناس يتطهرون } أي من الفواحش .

 
المحرر الوجيز في تفسير الكتاب العزيز لابن عطية - ابن عطية [إخفاء]  
{وَمَا كَانَ جَوَابَ قَوۡمِهِۦٓ إِلَّآ أَن قَالُوٓاْ أَخۡرِجُوهُم مِّن قَرۡيَتِكُمۡۖ إِنَّهُمۡ أُنَاسٞ يَتَطَهَّرُونَ} (82)

وقرأ الجمهور «جوابَ » بالنصب ، وقرأ الحسن بن أبي الحسن «جوابُ » بالرفع ، ولم تكن مراجعة قومه باحتجاج منهم ولا بمدافعة عقلية وإنما كانت بكفر وصرامة وخذلان بحت في قولهم { أخرجوهم } وتعليلهم الإخراج بتطهير المخرجين ، والضمير عائد على «لوط » وأهله وإن كان لم يجر لهم ذكر فإن المعنى يقتضيهم ، وروي أنه لم يكن معه غير ابنتيه وعلى هذا عني في الضمير هو وابنتاه ، و { يتطهرون } معناه يتنزهون عن حالنا وعادتنا ، قال مجاهد معناه { يتطهرون } عن أدبار الرجال والنساء ، قال قتادة : عابوهم بغير عيب وذموهم بغير ذم ، والخلاف في أهله حسبما تقدم .