اللباب في علوم الكتاب لابن عادل - ابن عادل  
{وَمَا كَانَ جَوَابَ قَوۡمِهِۦٓ إِلَّآ أَن قَالُوٓاْ أَخۡرِجُوهُم مِّن قَرۡيَتِكُمۡۖ إِنَّهُمۡ أُنَاسٞ يَتَطَهَّرُونَ} (82)

قوله : { وَمَا كَانَ جَوَابَ قَوْمِهِ } العامَة على نصب " جَوَابَ " خبراً للكون ، والاسمُ " أن " وما في حيِّزِهَا وهو الأفصح ؛ إذ فيه جعل الأعرف اسماً .

وقرأ الحسن{[16480]} " جوابُ " بالرَّفع ، وهو اسمها ، والخبر " إلاَّ أن قالُوا " وقد تقدَّم ذلك .

وأتى هنا بقوله " ومَا " ، وفي النّمل [ 56 ] والعنكبوت [ 24 ] " فَمَا " ، والفاء هي الأصل في هذا الباب ؛ لأنَّ المراد أنَّهُم لم يتأخر جوابهم عن نصيحته ، وأما الواو فالعتقيب أحدُ محاملها ، فتعيَّن هنا أنَّها للتعقيب لأمرٍ خارجي وهي العربية في السّورتين المذكورتين لأنَّها اقتضت ذلك بوضعها .

قوله : { أَخْرِجُوهُمْ مِّن قَرْيَتِكُمْ إِنَّهُمْ أُنَاسٌ يَتَطَهَّرُونَ } أي : أخرجوا لوطاً وأتباعه . { إِنَّهُمْ أُنَاسٌ يَتَطَهَّرُونَ } أي : يتنزهون عن أدبار الرِّجالِ .

وقيل : " يَتَطَهَّرونَ " أي : يتنزهون عن أدبار الرِّجالِ .

وقيل : " يَتَطَهَّرونَ " يتباعَدُنَ عن المعاصي والآثام .

وقيل : " يَتَطَهَّرُونَ " أي على سبيل السخرية بهم ، كما يقول بعض الفسقة لمن وعظة من الصلحاء : أبْعِدُوا عنَّا هذا المتقشّفَ ، وأريحونا من هذا المتزهِّدِ{[16481]} .


[16480]:ينظر: المحرر الوجيز 2/425، والبحر المحيط 4/337، والدر المصون 3/298.
[16481]:ذكره الرازي في تفسيره 14/139.