تيسير الكريم المنان في تفسير القرآن لابن سعدي - ابن سعدي [إخفاء]  
{وَسَكَنتُمۡ فِي مَسَٰكِنِ ٱلَّذِينَ ظَلَمُوٓاْ أَنفُسَهُمۡ وَتَبَيَّنَ لَكُمۡ كَيۡفَ فَعَلۡنَا بِهِمۡ وَضَرَبۡنَا لَكُمُ ٱلۡأَمۡثَالَ} (45)

{ و } ليس عملكم قاصر في الدنيا من أجل الآيات البينات ، بل { سَكَنْتُمْ فِي مَسَاكِنِ الَّذِينَ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ وَتَبَيَّنَ لَكُمْ كَيْفَ فَعَلْنَا بِهِمْ } من أنواع العقوبات ؟ وكيف أحل الله بهم العقوبات ، حين كذبوا بالآيات البينات ، وضربنا لكم الأمثال الواضحة التي لا تدع أدنى شك في القلب إلا أزالته ، فلم تنفع فيكم تلك الآيات بل أعرضتم ودمتم على باطلكم حتى صار ما صار ، ووصلتم إلى هذا اليوم الذي لا ينفع فيه اعتذار من اعتذر بباطل .

 
التفسير الوسيط للقرآن الكريم لسيد طنطاوي - سيد طنطاوي [إخفاء]  
{وَسَكَنتُمۡ فِي مَسَٰكِنِ ٱلَّذِينَ ظَلَمُوٓاْ أَنفُسَهُمۡ وَتَبَيَّنَ لَكُمۡ كَيۡفَ فَعَلۡنَا بِهِمۡ وَضَرَبۡنَا لَكُمُ ٱلۡأَمۡثَالَ} (45)

وقوله - سبحانه - : { وَسَكَنتُمْ فِي مساكن الذين ظلموا أَنفُسَهُمْ . . . } معطوف على { أقسمتم . . } .

والمراد بالسكنى : الحلول فى أماكن الظالمين لوقت يكفى للاتعاظ والاعتبار وكفار قريش كانوا يمرون قوم ثمود فى رحلتهم إلى الشام ، وكانوا يحطون رحالهم هناك ، كما كانوا يمرون على ديار قوم عاد فى رحلتهم إلى اليمن .

والمعنى : لقد أقسمتم - أيها الضالون - بأنكم مالكم من انتقال من دار الدنيا إلى دار الآخرة ، وحللتم فى مساكن القوم الظالمين .

{ وتبين لكم } عن طريق المشاهدة وتواتر الأخبار .

{ كَيْفَ فَعَلْنَا بِهِمْ } من الإِهلاك والتدمير بسبب كفرهم وفسوقهم .

{ وَضَرَبْنَا لَكُمُ الأمثال } بما فعلوه وبما فعلناه بهم ، عن طريق كتابنا ، وعلى لسان رسولنا محمد - صلى الله عليه وسلم - .

وكان من الواجب عليكم بعد كل ذلك أن تعتبروا وتتعظوا وتثوبوا إلى رشدكم ، وتدخلوا فى الإِسلام ، ولكنكم كنتم قوما فاسقين ، سائرين على نهج هؤلاء المهلكين فى الكفر والفجور ، فاليوم ذوقوا العذا بسبب جحودكم للحق فى الدنيا .

قال الإِمام ابن كثير عند تفسيره لهذه الآية : أى : قد رأيتم وبلغكم ما أحللنا بالأمم المكذبة قبلكم ، ومع هذا لم يكن لكم فيهم معتبر ، ولم يكن فيما أوقعنا بهم مزدجر لكم .

قال - تعالى - { حِكْمَةٌ بَالِغَةٌ فَمَا تُغْنِ النذر }

 
في ظلال القرآن لسيد قطب - سيد قطب [إخفاء]  
{وَسَكَنتُمۡ فِي مَسَٰكِنِ ٱلَّذِينَ ظَلَمُوٓاْ أَنفُسَهُمۡ وَتَبَيَّنَ لَكُمۡ كَيۡفَ فَعَلۡنَا بِهِمۡ وَضَرَبۡنَا لَكُمُ ٱلۡأَمۡثَالَ} (45)

28

( وسكنتم في مساكن الذين ظلموا أنفسهم وتبين لكم كيف فعلنا بهم وضربنا لكم الأمثال )

فكان عجيبا أن تروا مساكن الظالمين أمامكم ، خالية منهم ، وأنتم فيها خلفاء ، ثم تقسمون مع ذلك :

( ما لكم من زوال ) !

وعند هذا التبكيت ينتهي المشهد ، وندرك أين صاروا ، وماذا كان بعد الدعاء وخيبة الرجاء .

وإن هذا المثل ليتجدد في الحياة ويقع كل حين . فكم من طغاة يسكنون مساكن الطغاة الذين هلكوا من قبلهم . وربما يكونون قد هلكوا على أيديهم . ثم هم يطغون بعد ذلك ويتجبرون ؛ ويسيرون حذوك النعل بالنعل سيرة الهالكين ؛ فلا تهز وجدانهم تلك الآثار الباقية التي يسكنونها ، والتي تتحدث عن تاريخ الهالكين ، وتصور مصائرهم للناظرين . ثم يؤخذون إخذة الغابرين ، ويلحقون بهم وتخلو منهم الديار بعد حين !