جامع البيان عن تأويل آي القرآن للطبري - الطبري  
{وَسَكَنتُمۡ فِي مَسَٰكِنِ ٱلَّذِينَ ظَلَمُوٓاْ أَنفُسَهُمۡ وَتَبَيَّنَ لَكُمۡ كَيۡفَ فَعَلۡنَا بِهِمۡ وَضَرَبۡنَا لَكُمُ ٱلۡأَمۡثَالَ} (45)

القول في تأويل قوله تعالى : { وَسَكَنتُمْ فِي مَسََكِنِ الّذِينَ ظَلَمُوَاْ أَنفُسَهُمْ وَتَبَيّنَ لَكُمْ كَيْفَ فَعَلْنَا بِهِمْ وَضَرَبْنَا لَكُمُ الأمْثَالَ } .

يقول تعالى ذكره : وسكنتم في الدنيا في مساكن الذين كفروا بالله ، فظلموا بذلك أنفسهم من الأمم التي كانت قبلكم . وتَبَيّنَ لَكُمْ كَيْفَ فَعَلْنَا بِهِمْ يقول : وعلمتم كيف أهلكناهم حين عتوا على ربهم وتمادوا في طغيانهم وكفرهم . وَضَرَبْنا لَكُمُ الأمْثالَ يقول : ومثّلنا لكم فيما كنتم عليه من الشرك بالله مقيمين الأشباه ، فلم تنيبوا ولم تتوبوا من كفركم ، فالاَن تسألون التأخير للتوبة حين نزل بكم ما قد نزل بكم من العذاب ، إن ذلك لغير كائن .

وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل . ذكر من قال ذلك :

حدثنا بشر ، قال : حدثنا يزيد ، قال : حدثنا سعيد ، عن قتادة ، قوله : وَسَكَنْتُمْ فِي مَساكنِ الّذِينَ ظَلَمُوا أنْفُسَهُمْ يقول : سكن الناس في مساكن قوم نوح وعاد وثمود ، وقرون بين ذلك كثيرة ممن هلك من الأمم . وتَبَيّنَ لَكُمْ كَيْفَ فَعَلْنا بِهمْ وَضَرَبْنا لَكُمُ الأمْثالَ قد والله بعث رسله ، وأنزل كتبه ، ضرب لكم الأمثال ، فلا يصم فيها إلاّ أصمّ ، ولا يخيب فيها إلاّ الخائب ، فاعقلوا عن الله أمره .

حدثني يونس ، قال : أخبرنا ابن وهب ، قال : قال ابن زيد ، في قوله : وَسَكَنْتُمْ فِي مَساكنِ الّذِينَ ظَلَمُوا أنْفُسَهُمْ وَتَبَيّنَ لَكُمْ كَيْفَ فَعَلْنا بِهِمْ قال : سكنوا في قراهم مدين والحجر والقرى التي عذّب الله أهلها ، وتبين لكم كيف فعل الله بهم ، وضرب لهم الأمثال .

حدثنا الحسن بن محمد ، قال : حدثنا شبابة ، قال : حدثنا ورقاء ، عن ابن أبي نجيح ، عن مجاهد ، قوله : الأمْثالَ قال : الأشباه .

حدثنا القاسم ، قال : حدثنا الحسين ، قال : ثني حجاج ، عن ابن جريج ، عن مجاهد ، مثله .