قوله : { وَسَكَنتُمْ فِي مساكن الذين ظلموا أَنفُسَهُمْ } وأصل " سَكَنَ " التَّعدي ب " في " كما في هذه الآية ، وقد يتعدى بنفسه .
قال الزمخشريُّ : " السكنى من السكونِ الذي هو اللَّبثُ ، من الأصل تعديه ب " في " كقولك : قرَّ في الدَّارِ وأقام فيِهَا ، ولكنَّه لما نقل إلى سكون خاص تصرف فيه ، فقيل : سكن الدَّار كما قيل : تَبَوَّأها ، وأوطنَها ، ويجوز أن يكون من السُّكونِ ، أي : قرُّوا فيها واطمأنُوا " .
والمعنى : وسكنتم في مساكن الذين كفورا قبلكم كقوم نوح ، وعادٍ ، وثمود و : { ظلموا أَنفُسَهُمْ } بالكفر ؛ لأن من شاهد هذه الحال ؛ وجب عليه أنّ يعتبر ، وإذا لم يعتبر يستوجب الذَّم والتقريع .
قوله : " وتَبيَّنَ لَكُمْ " فاعله مضمر لدلالة الكلام عليه ، أي حالهم وخبرهم وهلاكهم ، و " كَيْفَ " نصب ب " فَعلْنَا " وحملة الاستفهام ليست معمولة ل " تَبيَّنَ " ؛ لأنه من الأفعال التي لا تعلق ، ولا جائز أن يكون : " كَيْفَ " فاعلاً ؛ لأنَّها إمَّا شرطية ، أو استفهامية وكلاهما لا يعمل فيه ما تقدمه ، والفاعل لا يتقدَّم عندنا .
وقال بعض الكوفيين : إنَّ جملة : " كَيْفَ فَعلْنَا " هو الفاعل ، وهم يجيزون أن تكون الجملة فاعلاً ، وقد تقدَّم هذا في قوله : { ثُمَّ بَدَا لَهُمْ مِّن بَعْدِ مَا رَأَوُاْ الآيات لَيَسْجُنُنَّهُ } [ يوسف : 35 ] .
والعامة على " تَبيَّنَ " فعلاً ماضياً ، وقرأ عمر{[19368]} بن الخطاب ، والسلمي -رضي الله عنهما- في رواية عنهما : " ونُبيِّنُ " بضمِّ النون الأولى والثانية ، مضارع : " بيَّن " ، وهو خبر مبتدأ مضمر ، والجملة حالٌ ، أي : ونحن نبين .
وقرأ السلمي فيما نقل المهدويُّ{[19369]} كذلك إلا أنه سكن النون للجزم نسقاً على " تَكُونُوا " فيكون داخلاً في حيز التقدير .
والمعنى : عرفتم عقوبتنا إياهم ، وضربنا لكم الأمثال في القرآن ممَّا يعلم به أنَّه قادر على الإعادة كما قدر على الابتداء ، وقادر على التَّعذيب المؤجَّل كما يفعل الهلاك المعجَّل .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.