مدارك التنزيل وحقائق التأويل للنسفي - النسفي  
{وَسَكَنتُمۡ فِي مَسَٰكِنِ ٱلَّذِينَ ظَلَمُوٓاْ أَنفُسَهُمۡ وَتَبَيَّنَ لَكُمۡ كَيۡفَ فَعَلۡنَا بِهِمۡ وَضَرَبۡنَا لَكُمُ ٱلۡأَمۡثَالَ} (45)

يقال : سكن الدار وسكن فيها ومنه { وَسَكَنتُمْ فِي مساكن الذين ظَلَمُواْ أَنفُسَهُمْ } بالكفر لأن السكنى من السكون وهو اللبث والأصل تعديته ب «في » نحو «قر في الدار وأقام فيها » ولكنه لما نقل إلى سكون خاص تصرف فيه فقيل : «سكن الدار » كما قيل «تبوأها » ، ويجوز أن يكون سكنوا من السكون أي قروا فيها واطمأنوا طيبي النفوس سائرين سيرة من قبلهم في الظلم والفساد لا يحدثونها بما لقي الأولون من أيام الله ، وكيف كان عاقبة ظلمهم فيعتبروا ويرتدعوا { وَتَبَيَّنَ لَكُمْ } بالأخبار أو المشاهدة وفاعل { تبين } مضمر دل عليه الكلام أي تبين لكم حالهم و { كَيْفَ } ليس بفاعل لأن الاستفهام لا يعمل فيه ما قبله وإنما نصب { كيف } بقوله { فَعَلْنَا بِهِمْ } أي أهلكناهم وانتقمنا منهم { وَضَرَبْنَا لَكُمُ الأمثال } أي صفات ما فعلوا وما فعل بهم وهي في الغرابة كالأمثال المضروبة لكل ظالم