تيسير الكريم المنان في تفسير القرآن لابن سعدي - ابن سعدي [إخفاء]  
{ذِكۡرُ رَحۡمَتِ رَبِّكَ عَبۡدَهُۥ زَكَرِيَّآ} (2)

أي : هذا { ذِكْرُ رَحْمَةِ رَبِّكَ عَبْدَهُ زَكَرِيَّا ْ } سنقصه عليك ، ونفصله تفصيلا يعرف به حالة نبيه زكريا ، وآثاره الصالحة ، ومناقبه الجميلة ، فإن في قصتها عبرة للمعتبرين ، وأسوة للمقتدين ، ولأن في تفصيل رحمته لأوليائه ، وبأي : سبب حصلت لهم ، مما يدعو إلى محبة الله تعالى ، والإكثار من ذكره ومعرفته ، والسبب الموصل إليه . وذلك أن الله تعالى اجتبى واصطفى زكريا عليه السلام لرسالته ، وخصه بوحيه ، فقام بذلك قيام أمثاله من المرسلين ، ودعا العباد إلى ربه ، وعلمهم ما علمه الله ، ونصح لهم في حياته وبعد مماته ، كإخوانه من المرسلين ومن اتبعهم ، فلما رأى من نفسه الضعف ، وخاف أن يموت ، ولم يكن أحد ينوب منابه في دعوة الخلق إلى ربهم والنصح لهم .

 
التفسير الوسيط للقرآن الكريم لسيد طنطاوي - سيد طنطاوي [إخفاء]  
{ذِكۡرُ رَحۡمَتِ رَبِّكَ عَبۡدَهُۥ زَكَرِيَّآ} (2)

وقوله - تعالى - : { ذِكْرُ رَحْمَةِ رَبِّكَ عَبْدَهُ زَكَرِيَّآ } خبر لمبتدأ محذوف . أى : المتلو عليك ذكر رحمة ربك عبده زكريا .

ولفظ { ذِكْرُ } مصدر مضاف لمفعوله . ولفظ { رَحْمَةِ } مصدر مضاف لفاعله وهو ربك ، و { عَبْدَهُ } مفعول به للمصدر الذى هو رحمة .

و { زَكَرِيَّآ } هو واحد من أنبياء الله الكرام ، وينتهى نسبه إلى يعقوب بن إسحاق بن إبراهيم - عليه السلام - .

والمعنى : هذا الذى نذكره لك يا محمد ، هو جانب من قصة عبدنا زكريا ، وطرف من مظاهر الرحمة التى اختصصناه بها ، ومنحناه إياها .

 
جامع البيان عن تأويل آي القرآن للطبري - الطبري [إخفاء]  
{ذِكۡرُ رَحۡمَتِ رَبِّكَ عَبۡدَهُۥ زَكَرِيَّآ} (2)

القول في تأويل قوله تعالى : { ذِكْرُ رَحْمَةِ رَبّكَ عَبْدَهُ زَكَرِيّآ * إِذْ نَادَىَ رَبّهُ نِدَآءً خَفِيّاً * قَالَ رَبّ إِنّي وَهَنَ الْعَظْمُ مِنّي وَاشْتَعَلَ الرّأْسُ شَيْباً وَلَمْ أَكُنْ بِدُعَآئِكَ رَبّ شَقِيّاً } .

اختلف أهل العربية في الرافع للذكر ، والناصب للعبد ، فقال بعض نحويي البصرة في معنى ذلك كأنه قال : مما نقصّ عليك ذكر رحمة ربك عبده ، وانتصب العبد بالرحمة كما تقول : ذكر ضرب زيد عمرا . وقال بعض نحويي الكوفة : رفعت الذكر بكهيعص ، وإن شئت أضمرت هذا ذكر رحمة ربك ، قال : والمعنى ذكر ربك عبده برحمته تقديم وتأخير .

قال أبو جعفر : والقول الذي هو الصواب عندي في ذلك أن يقال : الذكر مرفوع بمضمر محذوف ، وهو هذا كما فعل ذلك في غيرها من السور ، وذلك كقول الله : بَرَاءَةٌ مِنَ اللّهِ وَرَسُولِهِ وكقوله : سُورَةٌ أنْزَلْناها ونحو ذلك . والعبد منصوب بالرحمة ، وزكريا في موضع نصب ، لأنه بيان عن العبد ، فتأويل الكلام : هذا ذكر رحمة ربك عبده زكريا .

 
المحرر الوجيز في تفسير الكتاب العزيز لابن عطية - ابن عطية [إخفاء]  
{ذِكۡرُ رَحۡمَتِ رَبِّكَ عَبۡدَهُۥ زَكَرِيَّآ} (2)

وارتفع قوله { ذكرُ } فيما قالت فرقة بقوله { كهيعص } وقد تقدم وجه ذلك ، وقالت فرقة : ارتفع على خبر ابتداء تقديره «هذا ذكر » وقالت فرقة : ارتفع بالابتداء والخبر مقدر تقديره فيما أوحي اليك ذكر ، وقرأ الحسن بن أبي الحسن وابن يعمر «ذَكَرَ رحمة ربك » بفتح الذال والكاف والراء على معنى هذا المتلو ذكر «رحمة » بالنصب ، هذه حكاية أبي الفتح .

وحكى أبو عمرو الداني عن ابن يعمر أنه قرأ «ذَكِّر رحمةَ » بفتح الذال وكسر الكاف [ المشددة ]{[2]} ونصب الرحمة و «عبدَه » نصب ب «الرحمة » التقدير ذكر أن رحم ربك عبده « ، ومن قال في الكلام تقديم وتأخير فقد تعسف . وقرأ الجمهور » زكرياء «بالمد ، وقرأ الأعمش ويحيى وطلحة » زكريا «بالقصر وهما لغتان وفيه لغات غيرهما .


[2]:- ولم يكن الله ليمتن على رسوله بإيتائه فاتحة الكتاب وهو بمكة، ثم ينزلها بالمدينة، ولا يسعنا القول بأن رسول الله صلى الله عليه وسلم أقام بمكة بضع عشرة سنة يصلي بلا فاتحة الكتاب، هذا ما لا تقبله العقول، قاله الواحدي. وقوله تعالى: (ولقد آتيناك...) هو من الآية رقم (87) من سورة الحجر.