تيسير الكريم المنان في تفسير القرآن لابن سعدي - ابن سعدي [إخفاء]  
{وَتِلۡكَ ٱلۡقُرَىٰٓ أَهۡلَكۡنَٰهُمۡ لَمَّا ظَلَمُواْ وَجَعَلۡنَا لِمَهۡلِكِهِم مَّوۡعِدٗا} (59)

{ وَتِلْكَ الْقُرَى أَهْلَكْنَاهُمْ لَمَّا ظَلَمُوا } أي : بظلمهم ، لا بظلم منا { وَجَعَلْنَا لِمَهْلِكِهِمْ مَوْعِدًا } أي : وقتا مقدرا ، لا يتقدمون عنه ولا يتأخرون .

 
التفسير الوسيط للقرآن الكريم لسيد طنطاوي - سيد طنطاوي [إخفاء]  
{وَتِلۡكَ ٱلۡقُرَىٰٓ أَهۡلَكۡنَٰهُمۡ لَمَّا ظَلَمُواْ وَجَعَلۡنَا لِمَهۡلِكِهِم مَّوۡعِدٗا} (59)

ثم بين - سبحانه - سننه فى الأمم الماضية فقال : { وَتِلْكَ القرى أَهْلَكْنَاهُمْ لَمَّا ظَلَمُواْ وَجَعَلْنَا لِمَهْلِكِهِم مَّوْعِداً } .

واسم الاشارة " تلك " تعود إلى القرى المهلكة بسبب كفرها وفسوقها عن أمر ربها ، كقرى قوم نوح وهود وصالح - عليهم السلام - .

والقرى : جمع قرية والمراد بها أهلها الذين ظلموا أنفسهم بالكفر والجحود .

أى : وتلك القرى الماضية التى أصر أهلها على الكفر والفسوق والعصيان أهلكناهم بعذاب الاستئصال فى الدنيا ، بسبب هذا الكفر والظلم ، وجعلنا لوقت هلاكهم موعدا لا يتأخرون عنه ساعة ولا يستقدمون .

 
جامع البيان عن تأويل آي القرآن للطبري - الطبري [إخفاء]  
{وَتِلۡكَ ٱلۡقُرَىٰٓ أَهۡلَكۡنَٰهُمۡ لَمَّا ظَلَمُواْ وَجَعَلۡنَا لِمَهۡلِكِهِم مَّوۡعِدٗا} (59)

القول في تأويل قوله تعالى : { وَتِلْكَ الْقُرَىَ أَهْلَكْنَاهُمْ لَمّا ظَلَمُواْ وَجَعَلْنَا لِمَهْلِكِهِم مّوْعِداً } .

يقول تعالى ذكره : وتلك القُرى من عاد وثمود وأصحاب الأيكة أهلكنا أهلها لما ظلموا ، فكفروا بالله وآياته ، وَجَعَلْنا لِمَهْلِكِهِمْ مَوْعِدا يعني ميقاتا وأجلاً ، حين بلغوه جاءهم عذاب فأهلكناهم به ، يقول : فكذلك جعلنا لهؤلاء المشركين من قومك يا محمد الذين لا يؤمنون بك أبدا موعدا ، إذا جاءهم ذلك الموعد أهلكناهم سنتنا في الذين خلوا من قبلهم من ضربائهم كما :

حدثني محمد بن عمرو ، قال : حدثنا أبو عاصم ، قال : حدثنا عيسى «ح » وحدثني الحارث ، قال : حدثنا الحسن ، قال : حدثنا ورقاء ، جميعا عن ابن أبي نجيح ، عن مجاهد ، قوله : لِمَهْلِكِهِمْ مَوْعِدا قال : أجلاً .

حدثنا القاسم ، قال : ثني الحسين ، قال : ثني حجاج ، عن ابن جريج ، عن مجاهد ، مثله .

واختلفت القرّاء في قراءة قوله لِمَهْلِكِهِمْ فقرأ ذلك عامّة قرّاء الحجاز والعراق : «لِمُهْلِكِهمْ » بضمّ الميم وفتح اللام على توجيه ذلك إلى أنه مصدر من أهلكوا إهلاكا . وقرأه عاصم : «لِمَهْلَكِهِمْ » بفتح الميم واللام على توجيهه إلى المصدر من هلكوا هلاكا ومهلكا .

وأولى القراءتين بالصواب عندي في ذلك قراءة من قرأه : «لمُهْلَكِهِمْ » بضمّ الميم وفتح اللام لإجماع الحجة من القرّاء عليه ، واستدلالاً بقوله : وَتِلْكَ القُرَى أهْلَكْناهُمْ فأن يكون المصدر من أهلكنا ، إذ كان قد تقدّم قبله أولى . وقيل : أهلكناهم ، وقد قال قبل : وَتلكَ القُرَى ، لأن الهلاك إنما حلّ بأهل القرى ، فعاد إلى المعنى ، وأجرى الكلام عليه دون اللفظ .

وقال بعض نحويي البصرة : قال : وَتَلْكَ القُرَى أهْلَكْناهُمْ لَمّا ظَلَمُوا يعني أهلها ، كما قال : وَاسْئَلِ القَرْيَةِ ولم يجيء بلفظ القرى ، ولكن أجرى اللفظ على القوم ، وأجرى اللفظ في القرية عليها إلى قوله التي كُنّا فِيها ، وقال : أهْلكْناهُمْ ولم يقل : أهلكناها ، حمله على القوم ، كما قال : جاءت تميم ، وجعل الفعل لبني تميم ، ولم يجعله لتميم ، ولو فعل ذلك لقال : جاء تميم ، وهذا لا يحُسن في نحو هذا ، لأنه قد أراد غير تميم في نحو هذا الموضع ، فجعله اسما ، ولم يحتمل إذا اعتلّ أن يحذف ما قبله كله معنى التاء من جاءت مع بني تميم ، وترك الفعل على ما كان ليعلم أنه قد حذف شيئا قبل تميم . وقال بعضهم : إنما جاز أن يقال : تلك القرى أهلكناهم ، لأن القرية قامت مقام الأهل ، فجاز أن ترد على الأهل مرة وعليها مرّة ، ولا يجوز ذلك في تميم ، لأن القبيلة تعرف به وليس تميم هو القبيلة ، وإنما عرفت القبيلة به ، ولو كانت القبيلة قد سميت بالرجل لجرت عليه ، كما تقول : وقعت في هود ، تريد في سورة هود وليس هود اسما للسورة وإنما عرفت السورة به ، فلو سميت السورة بهود لم يجر ، فقتل : وقعت في هود يا هذا ، فلم يجر ، وكذلك لو سمي بني تميم تميما لقيل : هذه تميم قد أقبلت ، فتأويل الكلام : وتلك القرى أهلكناهم لما ظلموا ، وجعلنا لإهلاكهم موعدا .