إرشاد العقل السليم إلى مزايا الكتاب الكريم لأبي السعود - أبو السعود  
{وَتِلۡكَ ٱلۡقُرَىٰٓ أَهۡلَكۡنَٰهُمۡ لَمَّا ظَلَمُواْ وَجَعَلۡنَا لِمَهۡلِكِهِم مَّوۡعِدٗا} (59)

{ وَتِلْكَ القرى } أي قرى عاد وثمودَ وأضرابِها ، وهي مبتدأٌ على تقدير المضافِ أي وأهلُ تلك القرى خبرُه قوله تعالى : { أهلكناهم } أو مفعولٌ مضمرٌ مفسر به { لَمَّا ظَلَمُواْ } أي وقت ظلمِهم كما فعلت قريشٌ بما حُكي عنهم من القبائح ، وتركُ المفعول إما لتعميم الظلم أو لتنزيله منزلةَ اللازم أي لما فعلوا الظلم ، ولمّا إما حرفٌ كما قال ابنُ عصفور ، وإما ظرفٌ استعمل للتعليل وليس المرادُ به الوقتَ المعين الذي عملوا فيه الظلم بل زمانٌ ممتدٌ من ابتداء الظلم إلى آخره { وَجَعَلْنَا لِمَهْلِكِهِم } أي عيّنّا لهلاكهم { مَّوْعِدًا } أي وقتاً معيناً لا محيدَ لهم عن ذلك ، وهذا استشهاد على ما فُعل بقريش من تعيين الموعد ليتنبهوا لذلك ولا يغتروا بتأخر العذاب ، وقرئ بضم الميم وفتح اللام أي إهلاكهم وبفتحهما .