تيسير الكريم المنان في تفسير القرآن لابن سعدي - ابن سعدي [إخفاء]  
{وَفَجَّرۡنَا ٱلۡأَرۡضَ عُيُونٗا فَٱلۡتَقَى ٱلۡمَآءُ عَلَىٰٓ أَمۡرٖ قَدۡ قُدِرَ} (12)

{ وَفَجَّرْنَا الْأَرْضَ عُيُونًا } فجعلت السماء ينزل منها من الماء شيء خارق للعادة ، وتفجرت الأرض كلها ، حتى التنور الذي لم تجر العادة بوجود الماء فيه ، فضلا عن كونه منبعا للماء ، لأنه موضع النار .

{ فَالْتَقَى الْمَاءُ } أي : ماء السماء والأرض { عَلَى أَمْرٍ } من الله له بذلك ، { قَدْ قُدِرَ } أي : قد كتبه الله في الأزل وقضاه ، عقوبة لهؤلاء الظالمين الطاغين

 
التفسير الوسيط للقرآن الكريم لسيد طنطاوي - سيد طنطاوي [إخفاء]  
{وَفَجَّرۡنَا ٱلۡأَرۡضَ عُيُونٗا فَٱلۡتَقَى ٱلۡمَآءُ عَلَىٰٓ أَمۡرٖ قَدۡ قُدِرَ} (12)

وقوله : { وَفَجَّرْنَا الأرض عُيُوناً . . } معطوف على قوله : { فَفَتَحْنَآ } وتفجير الماء : إسالته بقوة وشدة وكثرة ، ومنه قوله - تعالى - : { وَقَالُواْ لَن نُّؤْمِنَ لَكَ حتى تَفْجُرَ لَنَا مِنَ الأرض يَنْبُوعاً } وقوله : { عُيُوناً } تمييز محول عن المفعول به ، والأصل : وفجرنا عيون الأرض ، ولكن جىء به على هذا الأسلوب المشتمل على التمييز للمبالغة ، حتى لكأن الأرض جميعها قد تحولت إلى عيون متفجرة .

وقوله - سبحانه - : { فَالْتَقَى المآء على أَمْرٍ قَدْ قُدِرَ } بيان لكمال حكمته - تعالى - بعد بيان مظاهر قدرته . أى : فاجتمع الماء النازل من السماء ، مع الماء المتفجر من الأرض ، على أمر قد قدره الله - تعالى - وقضاه أزلا ، وهو هلاك قوم نوح بالطوفان .

فالمراد بالماء : ماء السمكاء وماء الأرض .

وقال - سبحانه - { فَالْتَقَى المآء } بالإفراد ، لتحقيق أن التقاء الماءين لم يكن بطريقة المجاورة ، بل كان بطريق الاتحاد والاختلاط ، حتى لكأن الماء الناظل من السماء . والمتفجر من الأرض ، قد التقيا فى مكان واحد كما يلتقى الجيشان المعدان لإهلاك غيرهما .

و { على } فى قوله - تعالى - { على أَمْرٍ قَدْ قُدِرَ } للاستعلاء المفيد لشدة التمكن والمطابقة . أى : التقى الماء بعضه ببعض على الحال والشأن الذى قدرناه وقضيناه له ، دون أن يحيد على ذلك قيد شعرة إذ كل شىء عندنا بمقدار .