وأخرج ابن أبي حاتم عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله : { فسبح باسم ربك العظيم } قال : فصل لربك .
وأخرج سعيد بن منصور وأحمد وأبو داود وابن ماجة وابن حبان والحاكم وصححه وابن مردويه والبيهقي في سننه عن عقبة بن عامر الجهني رضي الله عنه قال : لما نزلت على رسول الله صلى الله عليه وسلم { فسبح باسم ربك العظيم } «قال : اجعلوها في ركوعكم ، ولما نزلت { سبح اسم ربك الأعلى } قال : اجعلوها في سجودكم » .
وأخرج ابن مردويه عن أبي هريرة رضي الله عنه قال : «قالوا يا رسول الله كيف نقول في ركوعنا ؟ فأنزل الله الآية التي في آخر سورة الواقعة { فسبح باسم ربك العظيم } فأمرنا أن نقول : سبحان ربي العظيم وتراً . قال ابن مردويه : حدثنا محمد بن عبدالله بن إبراهيم الشافعي ، أنبأنا الحسين بن عبدالله بن يزيد ، أنبأنا محمد بن عبدالله بن سابور ، أنبأنا الحكم بن ظهير عن السدي عن أبي مالك ، أو عن أبي صالح عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله : { إذا وقعت الواقعة } قال : الساعة ليس لوقعتها كاذبة يقول : من كذب بها في الدنيا فإنه لا يكذب بها في الآخرة إذا وقعت { خافضة رافعة } قال : القيامة خافضة ، يقول : خفضت فأسمعت الأذنين ، ورفعت فأسمعت الأقصى ، كان القريب والبعيد فيها سواء ، قال : وخفضت أقواماً قد كانوا في الدنيا مرتفعين ، ورفعت أقواماً حتى جعلتهم في أعلى عليين { إذا رجت الأرض رجّاً } قال : هي الزلزلة { وبست الجبال بسّاً } { فكانت هباء منبثّاً } قال : الحكم والسدي قال : على هذا الهرج هرج الدواب الذي يحرك الغبار { وكنتم أزواجاً ثلاثة } قال : العباد يوم القيامة على ثلاثة منازل { فأصحاب الميمنة ما أصحاب الميمنة } هم : الجمهور جماعة أهل الجنة { وأصحاب المشأمة ما أصحاب المشأمة } هم أصحاب الشمال يقول : ما لهم وما أعد لهم { والسابقون السابقون } هم مثل النبيين والصديقين والشهداء بالأعمال من الأولين والآخرين { أولئك المقربون } قال : هم أقرب الناس من دار الرحمن من بطنان الجنة وبطنانها وسطها في جنات النعيم { ثلة من الأولين وقليل من الآخرين على سرر موضونة } قال : الموضونة الموصولة بالذهب المكللة بالجوهر والياقوت { متكئين عليها متقابلين } قال ابن عباس : ما ينظر الرجل منهم في قفا صاحبه ، يقول : حلقاً حلقاً { يطوف عليهم ولدان مخلدون } قال : خلقهم الله في الجنة كما خلق الحور العين لا يموتون لا يشيبون ولا يهرمون { بأكواب وأباريق } والأكواب التي ليس لها آذان مثل الصواع والأباريق التي لها الخراطم والأعناق { وكأس من معين } قال : الكأس من الخمر بعينها ولا يكون كأس حتى يكون فيها الخمر ، فإذا لم يكن فيها خمر فإنما هو إناء والمعين يقول : من خمر جار { لا يصدعون عنها } عن الخمر { ولا ينزفون } لا تذهب بعقولهم { وفاكهة مما يتخيرون } يقول : مما يشتهون يقول : يجيئهم الطير حتى يقع فيبسط جناحه فيأكلون منه ما اشتهوا نضجاً لم تنضجه النار ، حتى إذا شبعوا منه طار فذهب كما كان { وحور عين } قال : الحور البيض ، والعين العظام الأعين حسان { كأمثال اللؤلؤ } قال : كبياض اللؤلؤ التي لم تمسه الأيدي ولا الدهر المكنون الذي في الأصداف ، ثم قال { جزاء بما كانوا يعملون لا يسمعون فيها لغواً } قال : اللغو الحلف لا والله ، وبلى والله { ولا تأثيماً } قال : قال لا يموتون { إلا قيلاً سلاماً سلاماً } يقول : التسليم منهم وعليهم ، بعضهم على بعض قال : هؤلاء المقربون ، ثم قال { وأصحاب اليمين ما أصحاب اليمين } وما أعد لهم { في سدر مخضود } والمخضود الموقر الذي لا شوك فيه { وطلح منضود وظل ممدود } يقول : ظل الجنة لا ينقطع ممدود عليهم أبداً { وماء مسكوب } يقول : مصبوب { وفاكهة كثيرة لا مقطوعة ولا ممنوعة } قال : لا تنقطع حيناً وتجيء حيناً مثل فاكهة الدنيا ، ولا ممنوعة كما تمنع في الدنيا إلا بثمن { وفرش مرفوعة } يقول : بعضها فوق بعض ثم قال { إنا أنشأناهن إنشاء } قال : هؤلاء نساء أهل الجنة وهؤلاء العجز الرمص يقول : خلقهم خلقاً { فجعلناهن أبكاراً } يقول : عذارى { عرباً أتراباً } والعرب المتحببات إلى أزواجهن ، والأتراب المصطحبات اللاتي لا تغرن { لأصحاب اليمين ثلة من الأولين وثلة من الآخرين } يقول : طائفة من الأولين وطائفة من الآخرين { وأصحاب الشمال ما أصحاب الشمال } ما لهم وما أعد لهم { في سموم } قال : فيح نار جهنم { وحميم } الماء الجار الذي قد انتهى حره ، فليس فوقه حر { وظل من يحموم } قال : من دخان جهنم { لا بارد ولا كريم } إنهم كانوا قبل ذلك مترفين قال : مشركين جبارين { وكانوا يصرون } يقيمون { على الحنث العظيم } قال : على الإِثم العظيم ، قال : هو الشرك { وكانوا يقولون أئذا متنا وكنا تراباً وعظاماً } إلى قوله { أو آباؤنا الأوّلون } قال : قل يا محمد إن الأولين والآخرين لمجموعون { إلى ميقات يوم معلوم } قال : يوم القيامة { ثم إنكم أيها الضالون } قال : المشركون المكذبون { لآكلون من شجر من زقوم } قال : والزقوم إذا أكلوا منه خصبوا والزقوم شجرة { فمالئون منها البطون } قال : يملؤون من الزقوم بطونهم { فشاربون عليه من الحميم } يقول : على الزقوم الحميم { فشاربون شرب الهيم } هي الرمال لو مطرت عليها السماء أبداً لم ير فيها مستنقع { هذا نزلهم يوم الدين } كرامة يوم الحساب { نحن خلقناكم فلولا تصدقون } يقول : أفلا تصدقون { أفرأيتم ما تمنون } يقول : هذا ماء الرجل { أأنتم تخلقونه أم نحن الخالقون } { نحن قدرنا بينكم الموت } في المتعجل والمتأخر { وما نحن بمسبوقين على أن نبدل أمثالكم } فيقول : نذهب بكم ونجيء بغيركم { وننشئكم فيما لا تعلمون } يقول : نخلقكم فيها لا تعلمون ، إن نشأ خلقناكم قردة وإن نشأ خلقناكم خنازير { ولقد علمتم النشأة الأولى فلولا تذكرون } يقول : فهلا تذكرون ، ثم قال { أفرأيتم ما تحرثون } يقول : ما تزرعون { أم نحن الزارعون } يقول : أليس نحن الذي ننبته أم أنتم المنبتون { لو نشاء لجعلناه حطاماً فظلتم تفكهون } يقول : تندمون { إنا لمغرمون } يقول : إنا لمواريه { بل نحن محرومون أفرأيتم الماء الذي تشربون أأنتم أنزلتموه من المزن } يقول : من السحاب { أم نحن المنزلون لو نشاء جعلناه أجاجاً } يقول : مرّاً { فلولا تشكرون } يقول : فهلا تشكرون { أفرأيتم النار التي تورون } يقول : تقدحون { أأنتم أنشأتم } يقول : خلقتم { شجرتها أم نحن المنشئون } قال : وهي من كل شجرة إلا في العناب وتكون في الحجارة { نحن جعلناها تذكرة } يقول : يتذكر بها نار الآخرة العليا { ومتاعاً للمقوين } قال : والمقوي هو الذي لا يجد ناراً فيخرج زنده فيستنور ناره فهي متاع له { فسبح باسم ربك العظيم } يقول : فصل لربك العظيم { فلا أقسم بمواقع النجوم } قال : أتى ابن عباس علبة بن الأسود ، أو نافع بن الحكم فقال له : يا ابن عباس إني أقرأ آيات من كتاب الله أخشى أن يكون قد دخلني منها شيء .
قال ابن عباس : ولم ذلك ؟ قال : لأني أسمع الله يقول : { إنا أنزلناه في ليلة القدر } [ القدر : 2 ] ويقول : { إنا أنزلناه في ليلة مباركة إنا كنا منذرين } [ الدخان : 3 ] ويقول في آية أخرى : { شهر رمضان الذي أنزل فيه القرآن } [ البقرة : 185 ] وقد نزل في الشهور كلها شوال وغيره . قال ابن عباس : ويلك إن جملة القرآن أنزل من السماء في ليلة القدر إلى { بمواقع النجوم } يقول : إلى سماء الدنيا فنزل به جبريل في ليلة منه وهي ليلة القدر المباركة ، وفي رمضان ، ثم نزل به على محمد صلى الله عليه وسلم في عشرين سنة الآية والآيتين والأكثر ، فذلك قوله : { لا أقسم } يقول : أقسم { بمواقع النجوم } { وإنه لقسم } والقسم قسم وقوله { لا يمسه إلا المطهرون } وهم السفرة والسفرة هم الكتبة ، ثم قال { تنزيل من رب العالمين } { أفبهذا الحديث أنتم مدهنون } يقول : تولون أهل الشرك وتجعلون رزقكم قال ابن عباس رضي الله عنهما : سافر النبي صلى الله عليه وسلم في حر ، فعطش الناس عطشاً شديداً حتى كادت أعناقهم أن تنقطع من العطش ، فذكر ذلك له قالوا : يا رسول الله لو دعوت الله فسقانا ، قال لعلّي إن دعوت الله فسقاكم لقلتم هذا بنوء كذا وكذا قالوا : يا رسول الله ما هذا بحين أنواء ، ذهبت حين الأنواء ، فدعا بماء في مطهرة فتوضأ ثم ركع ركعتين ، ثم دعا الله فهبت رياح وهاج سحاب ، ثم أرسلت فمطروا حتى سال الوادي ، فشربوا وسقوا دوابهم ، ثم مر النبي صلى الله عليه وسلم برجل وهو يغترف بقعب معه من الوادي وهو يقول : نوء كذا وكذا سقطت الغداة ، قال : نزلت هذه الآية { وتجعلون رزقكم أنكم تكذبون فلولا إذا بلغت الحلقوم } يقول : النفس { وأنتم حينئذ تنظرون } { ونحن أقرب إليه منكم } يقول : الملائكة { ولكن لا تبصرون } يقول : لا تبصرون الملائكة { فلولا } يقول : هلا { إن كنتم غير مدينين } غير محاسبين { ترجعونها } يقول : إن ترجعوا النفس { إن كنتم صادقين فأما إن كان من المقربين } مثل النبيين والصديقين والشهداء بالأعمال { فروح } الفرح مثل قوله : { ولا تيأسوا من روح الله } [ يوسف : 87 ] { وريحان } الرزق قال ابن عباس : لا تخرج روح المؤمن من بدنه حتى يأكل من ثمار الجنة قبل موته { وجنة نعيم } يقول : حققت له الجنة والآخرة { وأما إن كان من أصحاب اليمين } يقول : جمهور أهل الجنة { فسلام لك من أصحاب اليمين وأما إن كان من المكذبين الضالين } وهم المشركون { فنزل من حميم } قال : ابن عباس رضي الله عنهما لا يخرج الكافر من بيته في الدنيا حتى يسقى كأساً من حميم { وتصلية جحيم } يقول : في الآخرة { إن هذا لهو حق اليقين } يقول : هذا القول الذي قصصنا عليك لهو حق اليقين يقول القرآن الصادق ، والله أعلم .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.