وقوله تعالى : { فَسَبِّحْ باسم رَبِّكَ العظيم } عبارة تقتضي الأمر بالإِعراض عن أقوال الكفار وسائر أمور الدنيا المختصة بها ، وبالإقبال على أمور الآخرة وعبادة اللَّه تعالى ، والدعاء إليه .
( ت ) : وعن جابر بن عبد اللَّه قال : قال النبي صلى الله عليه وسلم : " مَنْ قَالَ سُبْحَانَ اللَّهِ الْعَظِيمِ وَبِحَمْدِهِ ، غُرِسَتْ لَهُ نَخْلَةٌ في الْجَنَّةِ " رواه الترمذي ، والنسائيُّ ، والحاكم ، وابن حبان في «صحيحيهما » ، وقال الحاكم : صحيح على شرط مسلم ، وعند النسائِيِّ : «شَجَرَةَ » بدل «نَخْلَةَ » ، وعنِ النُّعْمَانِ بْنِ بَشِيرٍ قال : قال رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم : " إنَّ مِمَّا تَذْكُرُونَ مِنْ جَلاَلِ اللَّهِ التَسْبِيحَ ، وَالتَّهْلِيلَ ، وَالتَّحْمِيدَ يَنْعَطِفْنَ حَوْلَ الْعَرْشِ ، لَهُنَّ دَوِيٌّ كَدَوِيِّ النَّحْلِ ، تُذَكِّرُ بِصَاحِبِهَا ، أَمَا يُحِبُّ أَحَدُكُمْ أَنْ يَكُونَ أَوْ لاَ يَزَالَ لَهُ مَنْ يُذَكِّرُ بِهِ " ، ورواه أيضاً ابن المبارك في «رقائقه » عن كعب ، وفيه أيضاً عن كعب أَنَّهُ قال : «إنَّ لِلْكَلاَمِ الطَّيِّبِ حَوْلَ الْعَرْشِ دَوِيًّا كَدَوِيِّ النَّحْلِ يُذَكِّرْنَ بِصَاحِبِهِنَّ » انتهى . وعن أبي هريرةَ " أَنَّ النبي صلى الله عليه وسلم مَرَّ بِهِ وَهُوَ يَغْرِسُ غَرْساً فَقَالَ : يَا أَبَا هُرَيْرَةَ ، مَا الَّذِي تَغْرِسُ ؟ قُلْتُ : غِرَاساً ، قَالَ : أَلاَ أَدُلُّكَ عَلَى غِرَاسٍ خَيْرٍ مِنْ هذا ؟ سُبْحَانَ اللَّهِ ، وَالْحَمْدُ لِلَّهِ ، وَلاَ إله إلاَّ اللَّهُ ، وَاللَّهُ أَكْبَرُ ؛ يُغْرَسْ لَكَ بِكُلِّ وَاحِدَةٍ شَجَرَةٌ في الجَنَّةِ " .
روى هذين الحديثين ابن ماجه واللفظ له ، والحاكم في «المستدرك » ، وقال في الأول : صحيح على شرط مسلم ، انتهى من «السلاح » ، ورَوَى عُقْبَةُ بن عامر قال : " لَمَّا نزلتْ : { فَسَبِّحْ باسم رَبِّكَ العظيم } قال النبيُّ صلى الله عليه وسلم : اجْعَلُوهَا في رُكُوعِكُمْ ؛ فَلَمَّا نَزَلَتْ : { سَبِّحِ اسم رَبِّكَ الأعلى } قَالَ : اجْعَلُوهَا في سُجُودِكُمْ " ، فيحتمل أنْ يكونَ المعنى : سبح اللَّه بذكر أسمائه العلا ، والاسم هنا بمعنى : الجنس ، أي : بأسماء ربك ، والعظيم : صفة للرب سبحانه ، وقد يحتمل أَنْ يكون الاسم هنا واحداً مقصوداً ، ويكون «العظيم » صفة له ، فكأَنَّه أمره أَنْ يسبِّحَهُ باسمه الأعظم ، وإنْ كان لم يَنُصَّ عليه ، ويؤيِّدُ هذا ويشير إليه اتصالُ سورة الحديد وأوَّلُها فيها التسبيح ، وجملة من أسماء اللَّه تعالى ، وقد قال ابن عباس : اسم اللَّه الأعظم موجود في سَتِّ آيات من أَوَّلِ سورة الحديد ، فتأمَّل هذا ، فإنَّهُ من دقيق النظر ، وللَّه تعالى في كتابه العزيز غوامضُ لا تكاد الأذهانِ تدركها .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.