اللباب في علوم الكتاب لابن عادل - ابن عادل  
{فَسَبِّحۡ بِٱسۡمِ رَبِّكَ ٱلۡعَظِيمِ} (96)

قوله : { فَسَبِّحْ باسم رَبِّكَ العظيم } .

أي : نزّه الله - تعالى - عن السُّوء{[55174]} .

و«الباء » يجوز أن تكون للحال ، أي : فسبِّح ملتبساً باسم ربِّك على سبيل التبرك كقوله : { وَنَحْنُ نُسَبِّحُ بِحَمْدِكَ } [ البقرة : 30 ] ، وأن تكون للتعدية على أن «سبح » يتعدى بنفسه تارةً ، كقوله : { سَبِّحِ اسم رَبِّكَ } [ من سورة الأعلى : 1 ] وبحرف الجر تارة كهذه الآية{[55175]} .

وقال القرطبي{[55176]} : «والباء زائدة ، أي : سبح اسم ربك » .

وادعاء زيادتها خلاف الأصل .

و«العظيم » يجوز أن يكون صفة للاسم ، وأن يكون صفة ل «ربك » ؛ لأن كلاًّ منهما مجرور ، وقد وصف كل منهما في قوله : { تَبَارَكَ اسم رَبِّكَ ذِي الجلال والإكرام } [ الرحمان : 78 ] و«ذي الجَلالِ » .

ولتقارب المتضايفين ظهر الفرق في الوصف{[55177]} .

فصل في تحرير معنى الآية{[55178]}

قيل : معنى «فسبح » أي فصل بذكر ربك وبأمره .

وقيل : فاذكر اسم ربك العظيم وسبحه .

«وعن عقبة بن عامر قال : لمَّا نزلت : { فَسَبِّحْ باسم رَبِّكَ العظيم } قال النبي عليه الصلاة والسلام : «اجْعَلُوها في رُكُوعِكُمْ » . ولما نزلت : { سَبِّحِ اسم رَبِّكَ الأعلى } قال النبي صلى الله عليه وسلم : «اجْعَلُوها في سُجُودِكُمْ » .

أخرجه أبو داود{[55179]} .

ختام السورة:

وروى أبو طيبة عن عبد الله بن مسعود قال : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم [ يقول ] : «مَنْ قَرَأ سُورَة الواقِعَة في كل ليلة لم تُصِبْهُ فاقةٌ أبَداً » وكان أبو هريرةٍ لا يدعُها أبداً{[1]} .

وعن مسروق قال : «منْ أرَاد أن يتعلم نبأ الأولين والآخرين ، ونبأ أهل الجنة ، ونبأ الدنيا ، ونبأ الآخرة ، فليقرأ سورة الواقعة »{[2]} .

والله تعالى أعلم .


[1]:في النسختين تقدم. وندم تصحيح من الرازي. وانظر تصحيح ذلك وغيره في تفسير الإمام 28/117.
[2]:ذكره السيوطي في "الدر المنثور" (6/605) وعزاه إلى عبد بن حميد وابن أبي حاتم.
[55174]:ينظر: القرطبي 17/152.
[55175]:ينظر: الدر المصون 6/271.
[55176]:الجامع لأحكام القرآن 17/152.
[55177]:ينظر: الدر المصون 6/271.
[55178]:ينظر: القرطبي 17/152.
[55179]:أخرجه أحمد (4/55) وأبو داود (869) وابن ماجه (887) والدارمي (1/299) والطيالسي (1/98) رقم (431) والحاكم (2/477) وابن خزيمة (600، 601، 670) وأبو يعلى (3/279) وابن جبان (506 – موارد) والطحاوي في "شرح معاني الآثار" (1/235) والبيهقي (2/86) والفسوي في "المعرفة والتاريخ" (2/502) وابن حزم في "المحلى" (3/259) من طرق عن إياس بن عامر عن عقبة بن عامر به. وقال الحاكم: صحيح الإسناد ولم يخرجاه ووافقه الذهبي.