فتح القدير الجامع بين فني الرواية والدراية من علم التفسير للشوكاني - الشوكاني  
{لِّيُعَذِّبَ ٱللَّهُ ٱلۡمُنَٰفِقِينَ وَٱلۡمُنَٰفِقَٰتِ وَٱلۡمُشۡرِكِينَ وَٱلۡمُشۡرِكَٰتِ وَيَتُوبَ ٱللَّهُ عَلَى ٱلۡمُؤۡمِنِينَ وَٱلۡمُؤۡمِنَٰتِۗ وَكَانَ ٱللَّهُ غَفُورٗا رَّحِيمَۢا} (73)

واللام في { لّيُعَذّبَ الله المنافقين والمنافقات والمشركين والمشركات } متعلق ب{ حملها } أي حملها الإنسان ليعذّب الله العاصي ويثيب المطيع ، وعلى هذا فجملة { إِنَّهُ كَانَ ظَلُوماً جَهُولاً } معترضة بين الجملة وغايتها للإيذان بعدم وفائه بما تحمّله . قال مقاتل ابن سليمان ، ومقاتل بن حبان : ليعذبهم بما خانوا من الأمانة وكذبوا من الرسل ونقضوا من الميثاق الذي أقرّوا به حين أخرجوا من ظهر آدم . وقال الحسن وقتادة : هؤلاء المعذبون هم الذين خانوها ، وهؤلاء الذين يتوب الله عليهم هم الذين أدّوها . وقال ابن قتيبة : أي عرضنا ذلك ليظهر نفاق المنافق وشرك المشرك ، فيعذبهما الله ويظهر إيمان المؤمن فيتوب الله عليه ، أي يعود عليه بالمغفرة والرحمة إن حصل منه تقصير في بعض الطاعات ، ولذلك ذكر بلفظ التوبة ، فدلّ على أن المؤمن العاصي خارج من العذاب { وَكَانَ الله غَفُوراً رَّحِيماً } أي كثير المغفرة والرحمة للمؤمنين من عباده إذا قصروا في شيء مما يجب عليهم .

/خ73