فتح القدير الجامع بين فني الرواية والدراية من علم التفسير للشوكاني - الشوكاني  
{يَوۡمَ تُقَلَّبُ وُجُوهُهُمۡ فِي ٱلنَّارِ يَقُولُونَ يَٰلَيۡتَنَآ أَطَعۡنَا ٱللَّهَ وَأَطَعۡنَا ٱلرَّسُولَا۠} (66)

و{ يوم } في قوله : { يَوْمَ تُقَلَّبُ وُجُوهُهُمْ فِي النار } ظرف لقوله : { لا يجدون } ، وقيل : ل{ خالدين } ، وقيل : ل{ نصيرا } ، وقيل : لفعل مقدر ، وهو اذكر .

قرأ الجمهور { تقلب } بضم التاء وفتح اللام على البناء للمفعول . وقرأ عيسى الهمداني وابن أبي إسحاق " نقلب " بالنون ، وكسر اللام على البناء للفاعل ، وهو الله سبحانه . وقرأ عيسى أيضاً بضم التاء وكسر اللام على معنى : تقلب السعير وجوههم . وقرأ أبو حيوة وأبو جعفر وشيبة بفتح التاء واللام على معنى : تتقلب ، ومعنى هذا التقلب المذكور في الآية : هو تقلبها تارة على جهة منها ، وتارة على جهة أخرى ظهراً لبطن ، أو تغير ألوانهم بلفح النار فتسودّ تارة وتخضرّ أخرى ، أو تبديل جلودهم بجلود أخرى ، فحينئذ { يَقُولُونَ يا ليتنا أَطَعْنَا الله وَأَطَعْنَا الرسولا } والجملة مستأنفة كأنه قيل : فما حالهم ؟ فقيل : يقولون ، ويجوز : أن يكون المعنى : يقولون يوم تقلب وجوههم في النار { يا ليتنا } إلخ . تمنوا أنهم أطاعوا الله والرسول ، وآمنوا بما جاء به ؛ لينجوا مما هم فيه من العذاب كما نجا المؤمنون ، وهذه الألف في { الرسولا } والألف التي ستأتي في { السبيلا } هي : الألف التي تقع في الفواصل ، ويسميها النحاة ألف الإطلاق ، وقد سبق بيان هذا في أوّل هذه السورة .

/خ68