2 ، 3- { ليغفر لك الله ما تقدم من ذنبك وما تأخر ويتم نعمته عليك ويهديك صراطا مستقيما * وينصرك الله نصرا عزيزا } .
كان محمد صلى الله عليه وسلم أطوع خلق الله لله ، بلغ الرسالة ، وأدى الأمانة ، وجاهد في الله حق جهاده ، ونصر دين الله في السلم والحرب والمعاهدة ، فوعده الله بهذه المكافأة الجليلة المتمثلة فيما يأتي :
( أ ) أن يغفر الله له ذنوبه السابقة واللاحقة ، ليرفع درجته ويعلي كعبه ، ويطهر ساحته ، ويغفر له هفواته قبل النبوة وبعدها .
( ب ) إتمام النعمة بفتح الطريق أمام دين الإسلام ، وأمام أمة الإسلام ، لتأخذ طريقها إلى النصر والظفر ، واستيعاب أحكام الدين .
( ج ) هداية الرسول إلى الصراط المستقيم ، والدين القويم ، والحكمة التامة في تبليغ الدعوة ، وقيادة سفينة الإسلام بحكمة النبوة ، وهداية الله وتوفيقه .
( د ) النصر العزيز الذي يقدمه له الله : { وما النصر إلا من عند الله . . . } ( الأنفال : 10 ) .
وقد كان صلح الحديبية نصرا ، ثم تبعه فتح خيبر ، ثم تبعه فتح مكة ، وكان هناك نصر معنوي كبير في ضآلة شأن المنافقين ، وانزواء أمرهم ، وتحطيم قوة اليهود ، وتلاشي قوة قريش والكافرين ، وبحث جزيرة العرب عن الإسلام ، وتوافدها على الرسول صلى الله عليه وسلم في المدينة ، فكان هناك فتح في النفوس ، وهداية من الله للناس حتى دخلوا في دين الله أفواجا ، أي جماعات جماعات ، وكانوا قبل ذلك يدخلون أفرادا ، وظل شأن رسول الله صلى الله عليه وسلم في ارتفاع ، وشأن أعدائه في انحدار ، حتى عم الإسلام بلاد العرب ، ونزل قوله تعالى : { اليوم أكملت لكم دينكم وأتممت عليكم نعمتي ورضيت لكم الإسلام دينا . . . } ( المائدة : 3 ) .
وقوله سبحانه : { إذا جاء نصر الله والفتح * ورأيت الناس يدخلون في دين الله أفواجا * فسبح بحمد ربك واستغفره إنه كان توابا } . ( النصر : 1-3 ) .
{ وَيَنصُرَكَ الله } اظهار الاسم الجليل مع النصر قيل : لكونه خاتمة العلل أو الغايات ولإظهار كمال العناية بشأنه كما يعرب عنه أردافه بقوله تعالى : { نَصْراً عَزِيزاً } وقال الصدر : أظهر الاسم في الصدر وهنا لأن المغفرة تتعلق بالآخرة والنصر يتعلق بالدنيا فكأنه أشير بإسناد المغفرة والنصر إلى صريح اسمه تعالى إلى أن الله عز وجل هو الذي يتولى أمرك في الدنيا والآخرة ، وقال الإمام : أظهرت الجلالة هنا إشارة إلى أن النصر لا يكون إلا من عند الله تعالى كما قال تعالى : { وَمَا النصر إِلاَّ مِنْ عِندِ الله } [ آل عمران : 126 ] وذلك لأن النصر بالصبر والصبر بالله قال تعالى : { وَمَا صَبْرُكَ إِلاَّ بالله } [ النحل : 127 ] لأنه سكون القلب واطمئنانه وذلك بذكر الله { أَلاَ بِذِكْرِ الله تَطْمَئِنُّ القلوب } [ الرعد : 28 ] والعزيز بحسب الظاهر هو المنصور ، وحيث وصف به النصر فهو إما للنسبة وإن كان المعروف فيها فاعلاً كلا بن وفعالا كبزاز أي نصراً فيه عز ومنعة ، أو فيه نجوز في الإسناد من باب وصف المصدر بصيغة المفعول وهو المنصور هنا نحو { عَذَابٌ أَلِيمٌ } [ البقرة : 104 ] في قول لا الفاعل وهو الناصر لما قيل من عدم مناسبته للمقام وقلة فائدته إذ الكلام في شأن المخاطب المنصور ، لا المتكلم الناصر وفيه شيء ، وقيل : الكلام بتقدير مضاف أي عزيز صاحبه وهو المنصور وفيه تكلف الحذف والإيصال .
وقد يقال : يحتاج إلى شيء مما ذكر إذ لا مانع من وصف النصر بالعزيز على ما هو الظاهر بناء على أحد معاني الغزة وهو قلة الوجود وصعوبة المنال ، والمعنى ينصرك الله نصراً يقل وجود مثله ويصعب مناله ، وقد قال الراغب بهذا في قوله تعالى : { وَإِنَّهُ لكتاب عَزِيزٌ } [ فصلت : 41 ] ورأيت ذلك للصدر بعد أن كتبته من الصدر فتأمل ولا تكن ذا عجز .
ومن باب الاشارة : { وَيَنصُرَكَ الله } على النفوس الأمارة ممن تدعوهم إلى الحق { نَصْراً عَزِيزاً } [ الفتح : 3 ] قلما يشبهه نصر ، ومن هنا كان صلى الله عليه وسلم أكثر الأنبياء عليهم السلام تبعاً ، وكان علماء أمته كأنبياء بني إسرائيل إلى غير ذلك مما حصل لأمته بواسطة تربيته على الصلاة والسلام لهم وإفاضة الأنوار والأسرار على نفوسهم وأزواجهم ، والمراد ليجمع لك هذه الأمور فلا تغفل
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.