الأسحار : واحدها سحر ، وهو السدس الأخير من الليل .
في السدس الأخير من الليل ينشغلون بالاستغفار .
قال تعالى : { والمستغفرين بالأسحار } . ( آل عمران : 17 ) .
وفي الحديث الصحيح يقول النبي صلى الله عليه وسلم : ( ينزل ربنا كل ليلة إلى سماء الدنيا حين يبقى ثلث الليل الأخير ، فينادي : يا عبادي ، هل من داع فأستجيب له ، هل من مستغفر فأغفر له ، هل من تائب فأتوب عليه ، هل من طالب حاجة فأقضيها له ، حتى يطلع الفجر )5 .
وقال صلى الله عليه وسلم : ( من لزم الاستغفار جعل الله له من كل هم فرجا ، ومن كل ضيق مخرجا ، ورزقه من حيث لا يحتسب )6 .
وقد بين القرآن الكريم أن الاستغفار سبب في سعة الرزق ، والإمداد بالمال والبنين ، وتيسير المطر والبركة ، قال تعالى على لسان نوح عليه السلام : { فقلت استغفروا ربكم إنه كان غفارا * يرسل السماء عليكم مدرارا * ويمددكم بأموال وبنين ويجعل لكم جنات ويجعل لكم أنهارا } . ( نوح : 10-12 ) .
وفي وقت السحر ينام الآخرون ، ويجتهد المتقون ، ولذلك مدحهم القرآن بقوله : { كانوا قليلا من الليل ما يهجعون * وبالأسحار هم يستغفرون } .
قال ابن عباس : ما تأتي عليهم ليلة ينامون حتى يصبحوا ، إلا يصلون فيها شيئا ، إما من أولها أو من وسطها .
كابدوا قيام الليل ، فلا ينامون إلا أقله ، وربما نشطوا فجدوا إلى السحر ، فإذا أسحروا أخذوا في الاستغفار كأنهم أسلفوا في ليلهم الجرائم ، فهم متواضعون ، مشفقون من عذاب الله ، راغبون في مغفرته ورضاه .
{ وبالأسحار هُمْ يَسْتَغْفِرُونَ } أي هم مع قلة هجوعهم وكثرة تهجدهم يداومون على الاستغفار في الأسحار كأنهم أسلفوا في ليلهم الجرائم ولم يتفرغوا فيه للعبادة ، وفي بناء الفعل على الضمير إشعار بأنهم الأحقاء بأن يوصفوا بالاستغفار كأنهم المختصون به لاستدامتهم له وإطنابهم فيه .
وفي الآية من الإشارة إلى مزيد خشيتهم وعدم اغترارهم بعبادتهم ما لا يخفى ، وحمل الاستغفار على حقيقته المشهورة هو الظاهر وبه قال الحسن .
/ أخرج عنه ابن جرير . وغيره أنه قال : صلوا فلما كان السحر استغفروا ، وقيل : المراد طلبهم المغفرة بالصلاة ، وعليه ما أخرج ابن المنذر . وجماعة عن ابن عمر رضي الله تعالى عنهما أنه قال : { يَسْتَغْفِرُونَ } يصلون ، وأخرج ابن مردويه عنه ذلك مرفوعاً ولا أراه يصح ، وأخرج أيضاً عن أنس قال : «قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : إن آخر الليل في التهجد أحب إليّ من أوله لأن الله تعالى يقول : { وبالاسحار هُمْ يَسْتَغْفِرُونَ } » وهو محتمل لذلك التفسير والظاهر .
ومما قاله بعض أهل الإشارة : { وبالاسحار هُمْ يَسْتَغْفِرُونَ } [ الذاريات : 18 ] يطلبون غفر أي ستر وجودهم بوجود محبوبهم ، أو يطلبون غفران ذنب رؤية عبادتهم من أول الليل إلى السحر
{ وَبِالْأَسْحَارِ } التي هي قبيل الفجر { هُمْ يَسْتَغْفِرُونَ } الله تعالى ، فمدوا صلاتهم إلى السحر ، ثم جلسوا في خاتمة قيامهم بالليل ، يستغفرون الله تعالى ، استغفار المذنب لذنبه ، وللاستغفار بالأسحار ، فضيلة وخصيصة ، ليست لغيره ، كما قال تعالى في وصف أهل الإيمان والطاعة : { وَالْمُسْتَغْفِرِينَ بِالْأَسْحَارِ }
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.