الجامع لأحكام القرآن للقرطبي - القرطبي  
{وَبِٱلۡأَسۡحَارِ هُمۡ يَسۡتَغۡفِرُونَ} (18)

الثالثة- قوله تعالى : " وبالأسحار هم يستغفرون " مدح ثان ، أي يستغفرون من ذنوبهم ، قاله الحسن . والسحر وقت يرجى فيه إجابة الدعاء . وقد مضى في " آل عمران{[14211]} " القول فيه . وقال ابن عمر ومجاهد : أي يصلون وقت السحر فسموا الصلاة استغفارا . وقال الحسن في قوله تعالى : " كانوا قليلا من الليل ما يهجعون " مدوا الصلاة من أول الليل إلى السحر ثم استغفروا في السحر . ابن وهب : هي في الأنصار ، يعني أنهم كانوا يغدون من قباء فيصلون في مسجد النبي صلى الله عليه وسلم . ابن وهب عن ابن لهيعة عن يزيد بن أبي حبيب قالوا : كانوا ينضحون لناس من الأنصار بالدلاء على الثمار ثم يهجعون قليلا ، ثم يصلون آخر الليل . الضحاك : صلاة الفجر . قال الأحنف بن قيس : عرضت عملي على أعمال أهل الجنة فإذا قوم قد باينونا بونا بعيدا لا نبلغ أعمالهم " كانوا قليلا من الليل ما يهجعون " وعرضت عملي على أعمال أهل النار فإذا قوم لا خير فيهم ، يكذبون بكتاب الله وبرسوله وبالبعث بعد الموت ، فوجدنا خيرنا منزلة قوما خلطوا عملا صالحا وآخر سيئا .


[14211]:راجع جـ 4 ص 38.