{ وبالأسحار هم يستغفرون } قال القاضي : أي أنهم مع قلة هجوعهم ، وكثرة تهجدهم ، إذا أسحروا أخذوا في الاستغفار ، كأنهم أسلفوا في ليلهم الجرائم .
قال الرازي : في الآية إشارة إلى أنهم كانوا يتهجدون ويجتهدون ، ثم يريدون أن يكون عملهم أكثر من ذلك ، وأخلص منه ، فيستغفرون من التقصير . وهذا سيرة الكريم : يأتي بأبلغ وجوه الكرم ويستقله ، ويعتذر من التقصير . واللئيم يأتي بالقليل ويستكثره ، ويمنّ به . وفيه وجه آخر ألطف منه : وهو أنه تعالى ، لما بيّن أنهم يهجعون قليلا ، والهجوع مقتضى الطبع ، قال : { يستغفرون } أي من ذلك القدر من النوم القليل . وفيه لطيفة أخرى نبيّنها في جواب سؤال : وهو أنه تعالى مدحهم بقلة الهجوع ، ولم يمدحهم بكثرة السهر ، وما قال : كانوا كثيرا من الليل ما يسهرون ، فما الحكمة فيه ؟ مع أن السهر هو الكلفة والاجتهاد ، لا الهجوع ؟ نقول : إشارة إلى أن نومهم عبادة ، حيث مدحهم الله تعالى بكونهم هاجعين قليلا ، وذلك الهجوع أورثهم الاشتغال بعبادة أخرى ، وهو الاستغفار ، وفي وجوه الأسحار ، ومنعهم من الإعجاب بأنفسهم والاستكبار .
ثم قال : والاستغفار يحتمل طلب المغفرة بالذكر بقولهم : ربنا اغفر لنا . وطلب المغفرة بالفعل ، أي بالأسحار . يأتون بفعل آخر طلبا للغفران ، وهو الصلاة . والأول أظهر ، والثاني عند المفسرين أشهر . انتهى .
ويؤيد الثاني الإشارة إلى الزكاة في الآية بعدها . والزكاة قرينة الصلاة في كثير من الآيات . وسر التعبير عن الصلاة بالاستغفار ، الإشارة إلى أنه ركنها المهم في التهجد ، بل وفي غيره ، /فيكون من إطلاق الجزء على الكل . وقد ذكر في أذكار الصلاة الاستغفار في مواضع منها . كالركوع والسجود وبين السجدتين وآخر الصلاة ، كما أخرجه الشيخان وأهل ( السنن ) - وكان صلى الله عليه وسلم يطيل الركوع والسجود والتهجد لذلك .
قال الزمخشري في ( أساس البلاغة ) إنما سمي ( السحر ) استعارة ، لأنه وقت إدبار الليل ، وإقبال النهار ، فهو متنفس الصبح . انتهى .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.