تفسير القرآن الكريم لعبد الله شحاته - شحاته [إخفاء]  
{قَالُواْ بَلۡ أَنتُمۡ لَا مَرۡحَبَۢا بِكُمۡۖ أَنتُمۡ قَدَّمۡتُمُوهُ لَنَاۖ فَبِئۡسَ ٱلۡقَرَارُ} (60)

55

المفردات :

فبئس القرار : بئس المقر جهنم .

التفسير :

60-{ قالوا بل أنتم لا مرحبا بكم أنتم قدمتموه لنا فبس القرار } .

ردّ الأتباع على الرؤساء قائلين : بل أنتم الذين لا مرحبا بكم ، وإنما الضيق والهلاك لكم ، وهل أصابنا ما أصابنا إلا بسببكم ، فأنتم دعوتمونا في الدنيا إلى الكفر فاتبعناكم ، وصرنا جميعا في جهنم ، فبئس المستقر والنزل والقرار لنا ولكم جهنم ، وهذا التلاعن بين أهل النار ، كل واحد منهم يلقي التبعة على الآخر ، ويحاول أن يتنصل من المسؤولية ، يصوّره قوله تعالى : { كلما دخلت أمّة لعنت أختها حتى إذا اداركوا فيها جميعا قالت أخراهم لأولاهم ربنا هؤلاء أضلونا فآتيهم عذابا ضعفا من النار قال لكل ضعف ولكن لا تعلمون * وقالت أولاهم لأخراهم فما كان لكم علينا من فضل فذوقوا العذاب بما كنتم تكسبون . [ الأعراف : 38 ، 39 ] .

والقرآن بهذا يفتح العيون والأبصار ، وينبه الطغاة والكفار ، من هول يوم لا ينفع فيه مال ولا بنون ، ولا يستند الإنسان فيه كبير أو أمير ، إنما ينفع الإنسان في هذا اليوم القلب السليم ، والعمل المستقيم .

قال تعالى : { يوم لا ينفع مال ولا بنون * إلا من آتى الله بقلب سليم } . [ الشعراء : 88 ، 89 ] .

 
روح المعاني في تفسير القرآن والسبع المثاني للآلوسي - الآلوسي [إخفاء]  
{قَالُواْ بَلۡ أَنتُمۡ لَا مَرۡحَبَۢا بِكُمۡۖ أَنتُمۡ قَدَّمۡتُمُوهُ لَنَاۖ فَبِئۡسَ ٱلۡقَرَارُ} (60)

{ قَالُواْ } أي الأتباع وهم الفوج المقتحم للرؤساء .

{ بَلْ أَنتُمْ لاَ مَرْحَباً بِكُمْ } أي بل أنتم أحق بما قيل لنا أو بما قلتم لنا ، ولعلهم إنما خاطبوهم بذلك على تقدير كون القائل الملائكة الخزنة عليهم السلام مع أن الظاهر أن يقولوا بطريق الاعتذار إلى أولئك القائلين بل هم لا مرحباً بهم قصداً منهم إلى إظهار صدقهم بالمخاصمة مع الرؤساء والتحاكم إلى الخزنة طمعاً في قضائهم بتخفيف عذابهم أو تضعيف عذاب خصائصهم .

وفي «البحر » خاطبوهم لتكون المواجهة لمن كانوا لا يقدرون على مواجهتهم في الدنيا بقبيح أشفى لصدورهم حيث تسببوا في كفرهم وأنكى للرؤساء ، وهذا أيضاً بتأويل القول بناء على أن الإنشاء لا يكون خبراً أي بل أنتم مقول فيكم لا مرحباً بكم { أَنتُمْ قَدَّمْتُمُوهُ لَنَا } تعليل لأحقيتهم بذلك ، وضمير الغيبة في { قَدَّمْتُمُوهُ } للعذاب لفهمه مما قبله أو للمصدر الذي تضمه { صَالُو } وهو الصلي أي أنتم قدمتم العذاب أو الصلى ودخول النار لنا بإغوائنا وإغرائنا على ما قدمنا من العقائد الزائغة والأعمال السيئة لا أنا باشرناها من تلقاء أنفسنا .

وفي الكلام مجازان عقليان ، الأول إسناد التقديم إلى الرؤساء لأنهم السبب فيه بإغوائهم ، والثاني إيقاعه على العذاب أو الصلي مع أنه ليس المقدم بل المقدم عمل السوء الذي هو سبب له ، وقيل : أطلق الضمير الذي هو عبارة عن العذاب أو الصلى المسبب عن العمل على العمل مجازاً لغوياً ، وقيل : لا حاجة إلى ارتكاب المجاز فيه فتقديم العذاب أو الصلى المسبب عن العمل على العمل مجازاً لغوياً ، وقيل : لا حاجة إلى ارتكاب المجاز فيه فتقديم العذاب أو الصلى بتأخير الرحمة منهم { فَبِئْسَ القرار } أي فبئس المقر جهنم ، وهو من كلام الأتباع وكأنهم قصدوا بذلك التشفي والإنكار وإن ذلك المقر مشترك ، وقيل : قصدوا بالذم المذكور تغليظ جناية الرؤياء عليهم .