اللباب في علوم الكتاب لابن عادل - ابن عادل  
{قَالُواْ بَلۡ أَنتُمۡ لَا مَرۡحَبَۢا بِكُمۡۖ أَنتُمۡ قَدَّمۡتُمُوهُ لَنَاۖ فَبِئۡسَ ٱلۡقَرَارُ} (60)

«قالوا » أي الأتباع { بَلْ أَنتُمْ لاَ مَرْحَباً بِكُمْ } يريدون أن الدعاء الذي دعوتم به علينا أيها الرؤساء أنتم أحق به وعللوا ذلك بقولهم : «أَنْتُمْ قَدَّمْتُمُوهُ لَنَا » والضمير للعذاب أو للضَّلال .

فإن قيل : ما معنى تقديمهم العذاب لهم ؟ فالجواب : الذي أوجب التقديم هو عمل السوء كقوله تعالى : { ونذيقُهُ عَذَابَ الحريق ذلك بِمَا قَدَّمَتْ يَدَاكَ } [ الحج : 9 ، 10 ] إلا أن الرؤساء لما كانوا هم السبب فيه بإغوائهم وكان العذاب جزاءهم عليه قيل : أنتم قدمتموه لنا ، وقوله : «فبئس القرار » أي بئس المستقرّ والمستكنّ جهنم .

قوله : { مَن قَدَّمَ } يجوز أن تكون «مَنْ » شرطية و ( فزِدُهُ » جوابها ، وأن تكون استفهامية وقدّم خبرها أي أن أي شخص قدم لنا هذا ؟ ثم استأنفوا دعاءً ، بقولهم : «فَزِدْهُ » وأن تكون موصولة بمعنى الذي وحينئذ يجوز فيها وجهان : الرفع بالابتداء والخبر «فَزِدْهُ » والفاء زائدة تشبيهاً له بالشرط ، والثاني : أنها منصوبة بفعل مقدر على الاشتغال والكلام في مثل هذه الفاء قَدْ تقدم .

وهذا الوجه يجوز عند بعضهم حال كونها شرطية أو استفهامية أعني الاشتغال إلا أنه لا يقدر الفعل إلا بعدها لأن لها صدر الكلام و «ضِعْفاً » نعت لعذاب أي مضاعفاً .

قوله : { فِي النار } يجوز أن تكون ظرفاً «لِزدْهُ » أو نعتاً «لعَذَابٍ » أو حالاً منه لتخصيصه أو حالاً من مفعول «زِدْهُ » .