{ لاَ مَرْحَباً بِهِمْ } دعاء منهم على أتباعهم . تقول لمن تدعو له : مرحباً ، أي : أتيت رحباً من البلاد لا ضيقاً : أو رحبت بلادك رحباً ، ثم تدخل عليه «لا » في دعاء السوء . و { بِهِمْ } بيان للمدعو عليهم { إِنَّهُمْ صَالُواْ النار } تعليل لاستيجابهم الدعاء عليهم . ونحوه قوله تعالى : { كُلَّمَا دَخَلَتْ أُمَّةٌ لَّعَنَتْ أُخْتَهَا } [ الأعراف : 38 ] وقيل : هذا فوج مقتحم معكم : كلام الخزنة لرؤساء الكفرة في أتباعهم . و { لاَ مَرْحَباً بِهِمْ إِنَّهُمْ صَالُواْ النار } كلام الرؤوساء . وقيل : هذا كله كلام الخزنة { وقَالُواْ } أي الأتباع { بَلْ أَنتُمْ لاَ مَرْحَباً بِكُمْ } يريدون الدعاء الذي دعوتم به علينا أنتم أحقّ به ، وعللوا ذلك بقولهم : { أَنتُمْ قَدَّمْتُمُوهُ لَنَا } والضمير للعذاب أو لصليهم .
فإن قلت : ما معنى تقديمهم العذاب لهم ؟ قلت : المقدم هو عمل السوء . قال الله تعالى : { وذُوقُواْ عَذَابَ الحريق ذلك بِمَا قَدَّمَتْ أَيْدِيكُمْ } [ الأنفال : 50-51 ] ولكن الرؤساء لما كانوا السبب فيه بإغوائهم وكان العذاب جزاءهم عليه ، قيل : أنتم قدمتموه لنا ، فجعل الرؤساء هم المقدمين وجعل الجزاء هو المقدّم ، فجمع بين مجازين ؛ لأن العاملين هم المقدمون في الحقيقة لا رؤساؤهم ، والعمل هو المقدم لا جزاؤه .
فإن قلت : فالذي جعل قوله : { لاَ مَرْحَباً بِهِمْ } من كلام الخزنة ما يصنع بقوله : { بَلْ أَنتُمْ لاَ مَرْحَباً بِكُمْ } والمخاطبون - أعني رؤسائهم - لم يتكلموا بما يكون هذا جواباً لهم ؟ قلت : كأنه قيل : هذا الذي دعا به علينا الخزنة أنتم يا رؤساء أحقّ به منا لإغوائكم إيانا وتسببكم فيما نحن فيه من العذاب ، وهذا صحيح كما لو زين قوم لقوم بعض المساوي فارتكبوه فقيل للمزينين : أخزى الله هؤلاء ما أسوأ فعلهم ؟ فقال المزين لهم للمزينين : بل أنتم أولى بالخزي منا ، فلولا أنتم لم نرتكب ذلك .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.