تفسير القرآن الكريم لعبد الله شحاته - شحاته [إخفاء]  
{وَٱلَّذِي خَلَقَ ٱلۡأَزۡوَٰجَ كُلَّهَا وَجَعَلَ لَكُم مِّنَ ٱلۡفُلۡكِ وَٱلۡأَنۡعَٰمِ مَا تَرۡكَبُونَ} (12)

9

المفردات :

الأزواج : أصناف المخلوقات .

الفلك : السفن .

التفسير :

12- { والذي خلق الأزواج كلها وجعل لكم من الفلك والأنعام ما تركبون } .

خلق الله الأزواج -أي الذكر والأنثى- في الحيوان والنبات والإنسان ، بل والسحاب ، حتى الذرَّة فيها موجب وسالب ، وبذلك يعمر الكون بسبب فضل الله العلي القدير ، فالهواء فيه أكسجين وأدروجين ، وفي الأرض جاذبية تجذب الهواء ليستنشق منه الإنسان ، وعلى الأرض أسباب متعددة في الأرزاق وسائر النعم ، كالماء والأكل والهواء والتنفس ، فضلا عن السمع والبصر والهداية ، وسائر ما خلق الله في هذا الكون لمتعة الإنسان حتى تتم كرامته ، كما قال سبحانه : { ولقد كرمنا بني آدم وحملناهم في البر والبحر ورزقناهم من الطيبات وفضلناهم على كثير ممن خلقنا تفضيلا } . ( الإسراء : 70 ) .

ومن تلك النعم : تسخير السفن لتحمل التجارة والإنسان ، وتسخير الحيوانات وتذليلها لتحمل الإنسان وتحمل أمتعته ، ولتكون وسيلة للمتعة والجمال والراحة .

 
روح المعاني في تفسير القرآن والسبع المثاني للآلوسي - الآلوسي [إخفاء]  
{وَٱلَّذِي خَلَقَ ٱلۡأَزۡوَٰجَ كُلَّهَا وَجَعَلَ لَكُم مِّنَ ٱلۡفُلۡكِ وَٱلۡأَنۡعَٰمِ مَا تَرۡكَبُونَ} (12)

{ والذى خَلَقَ الازواج كُلَّهَا } أي أصناف المخلوقات فالزوج هنا بمعنى الصنف لا بمعناه المشهور ، وعن ابن عباس الأزواج الضروب والأنواع كالحلو . والحامض . والأبيض . والأسود . والذكر . والأنثى ، وقيل : كل ما سوى الله سبحانه زوج لأنه لا يخلو من المقابل كفوق وتحت ويمين وشمال وماض ومستقبل إلى غير ذلك والفرد المنزه عن المقابل هو الله عز وجل ، وتعقب بأن دعوى اطراده في الموجودات بأسرها لا تخلو عن النظر .

ولعل من قال : كل ما سوى الله سبحانه زوج لم يبن الأمر على ما ذكر وإنما بناه على أن الواجب جل شأنه واحد من جميع الجهات لا تركيب فيه سبحانه بوجه من الوجوه لا عقلاً ولا خارجاً ولا كذلك شيء من الممكنات مادية كانت أو مجردة { وَجَعَلَ لَكُمْ مّنَ الفلك والانعام مَا تَرْكَبُونَ } أي ما تركبونه ، فما موصولة والعائد محذوف ، والركوب بالنظر إلى الفلك يتعدى بواسطة الحرف وهو في كما قال تعالى : { فَإِذَا رَكِبُواْ فِى الفلك } [ العنكبوت : 65 ] بخلافه لا بالنظر إليه فإنه يتعدى بنفسه كما قال سبحانه : { لِتَرْكَبُوهَا } [ النحل : 8 ] إلا أنه غلب المتعدي بغير واسطة لقوته على المتعدي بواسطة فالتجوز الذي يقتضيه التغليب بالنسبة إلى المتعلق أو غلب المخلوق للركوب على المصنوع له لكونه مصنوع الخالق القدير أو الغالب على النادر فالتجوز في { مَا } وضميره الذي تعدى الركوب إليه بنفسه دون النسبة إلى المفعول ولتغليب ما ركب من الحيوان على الفلك .