تفسير القرآن الكريم لعبد الله شحاته - شحاته [إخفاء]  
{وَفِي عَادٍ إِذۡ أَرۡسَلۡنَا عَلَيۡهِمُ ٱلرِّيحَ ٱلۡعَقِيمَ} (41)

38

المفردات :

الريح العقيم : التي لا خير فيها لأنها أهلكتهم وقطعت دابرهم .

الرميم : الهالك البالي المتفتت من عظم ونبات وغير ذلك .

التفسير :

41-42 : { وَفِي عَادٍ إِذْ أَرْسَلْنَا عَلَيْهِمُ الرِّيحَ الْعَقِيمَ * مَا تَذَرُ مِنْ شَيْءٍ أَتَتْ عَلَيْهِ إِلَّا جَعَلَتْهُ كَالرَّمِيمِ } .

وفي عاد آية حين استكبروا في الأرض بغير الحق ، وقالوا : من أشدّ منا قوة ؟ فأرسل الله عليهم ريحا عقيما ، وهي الدَّبور تعصف بكل شيء أراد الله إهلاكه ، وتتركه رميما باليا مفتتا هالكا ، لا يستطاع ترميمه .

روي أن الرّيح كانت تمرّ بالناس فيهم الرجل من عاد ، فتنتزعه من بينهم وتهلكه .

وقد رُوي عن ابن عباس ، وصححه الحاكم : أن الريح العقيم ريح لا بركة فيها ولا منفعة ، ولا ينزل منها غيث ، ولا يلقح بها شجر .

وهذه كانت الدَّبور لما صحَّ من قوله صلى الله عليه وسلم : " نُصرت بالصَّبا ، وأهلكت عاد بالدبور " 9 .

وفي سورة الحاقة نجد لوحة مصوّرة تستعرض هلاك عاد بريح عاتية مهلكة ، وكانوا يحفرون الحفرة في الأرض فينزلون فيها ، ويتركون رؤوسهم على السطح لاستنشاق الهواء ، فتأتي الريح فتقطع رؤوسهم ، وتتركهم هلكى كالنخلة التي قطع رأسها ، وتُرك عجزها ولم يبق فيها منفعة أو ثمرة .

قال تعالى : { وَأَمَّا عَادٌ فَأُهْلِكُوا بِرِيحٍ صَرْصَرٍ عَاتِيَةٍ * سَخَّرَهَا عَلَيْهِمْ سَبْعَ لَيَالٍ وَثَمَانِيَةَ أَيَّامٍ حُسُومًا فَتَرَى الْقَوْمَ فِيهَا صَرْعَى كَأَنَّهُمْ أَعْجَازُ نَخْلٍ خَاوِيَةٍ * فَهَلْ تَرَى لَهُمْ مِنْ بَاقِيَةٍ } . ( الحاقة : 6-8 )

 
روح المعاني في تفسير القرآن والسبع المثاني للآلوسي - الآلوسي [إخفاء]  
{وَفِي عَادٍ إِذۡ أَرۡسَلۡنَا عَلَيۡهِمُ ٱلرِّيحَ ٱلۡعَقِيمَ} (41)

{ وَفِى عَادٍ إِذْ أَرْسَلْنَا } على طرز ما تقدم { عَلَيْهِمُ الريح العقيم } الشديد التي لا تلقح شيئاً كما أخرجه جماعة عن ابن عباس وصححه الحاكم ، وفي لفظ هي ريح لا بركة فيها ولا منفعة ولا ينزل منها غيث ولا يلقح بها شجر كأنه شبه عدم تضمن المنفعة بعقم المرأة فعيل بمعى فاعل من اللازم وكون هذا المعنى لا يصح هنا مكابرة ، وقال بعضهم وهو حسن : سميت عقيماً لأنها أهلكتهم وقطعت دابرهم على أن هناك استعارة تبعية شبه إهلاكهم وقطع دابرهم بعقم النساء وعدم حملهن لما فيه من إذهاب النسل ثم أطلق المشبه به على المشبه واشتق منه العقيم ، وفعيل قيل : بمعنى فاعل أو مفعول ، وهذه الريح كانت الدبور لما صح من قوله صلى الله عليه وسلم : «نصرت بالصبا وأهلكت عاد بالدبور » وأخرج الفريابي . وابن المنذر عن علي كرم الله تعالى وجهه أنها النكباء ، وأخرج ابن جرير وجماعة عن ابن المسيب أنها الجنوب ، وأخرج ابن المنذر عن مجاهد أنها الصبا ، والمعول عليه ما ذكرنا أولاً ، ولعل الخبر عن الأمير كرم الله تعالى وجهه غير صحيح .