تفسير القرآن الكريم لعبد الله شحاته - شحاته [إخفاء]  
{ٱصۡلَوۡهَا فَٱصۡبِرُوٓاْ أَوۡ لَا تَصۡبِرُواْ سَوَآءٌ عَلَيۡكُمۡۖ إِنَّمَا تُجۡزَوۡنَ مَا كُنتُمۡ تَعۡمَلُونَ} (16)

1

المفردات :

اصلوها : ادخلوها وقاسوا حرّها وشدائدها .

التفسير :

16- { اصْلَوْهَا فَاصْبِرُوا أَوْ لاَ تَصْبِرُوا سَوَاءٌ عَلَيْكُمْ إِنَّمَا تُجْزَوْنَ مَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ } .

ادخلوا جهنم واصطلوا بنارها ، وتعذَّبوا بعذابها ، والصبر وعدمه سواء ، كما قال سبحانه حكاية عنهم : { سواء علينا أجزعنا أم صبرنا ما لنا من محيص } .

( إبراهيم : 21 ) .

فلا مهرب لكم من النار ، ولا مخرج لكم من العذاب ، وهذا العذاب جزاء أعمالكم في الدنيا ، إن خيرا فخير ، وإن شرا فشر ، ولا يظلم ربك أحدا . ( الكهف : 49 ) ، بل يجازي كلّ أحد بعمله .

ونلاحظ أن الصبر في الدنيا له ثواب في الآخرة ، وهو محمود عند الناس ، فيقال للصابر : ما أشجعه ، أو ما أقوى إيمانه ، أو ما أثبت يقينه ، ويقال لمن أصابه الجزع والهلع : إنه يجزع كالنسوان والصبيان .

وقد ذكر الصبر في القرآن في أكثر من سبعين موضعا ، وحث عليه القرآن وبيّن فضله وثوابه ، أما في الآخرة ، فإن صبر الكافر على عذاب جهنم ، أو عدم صبره لن ينقذه من العذاب .

قال الزمخشري :

وقوله : { إنّما تُجزون ما كنتم تعملون } . تعليل للاستواء ، لأن الصبر يكون مزية على الجزع ، لنفعه في العاقبة ، بأن يجازى عليه الصابر جزاء الخير ، فأما الصبر على العذاب – الذي هو الجزاء – ولا عاقبة له ، ولا منفعة فيه ، فلا مزية له على الجزع . أ . ه .

والخلاصة :

إن الجزاء محتم الوقوع ، لِسَبْقِ الوعيد به في الدنيا على ألسنة الرسل ، ولقضاء الله به بمقتضى عدله ، فالصبر وعدمه سيّان حينئذ .

 
روح المعاني في تفسير القرآن والسبع المثاني للآلوسي - الآلوسي [إخفاء]  
{ٱصۡلَوۡهَا فَٱصۡبِرُوٓاْ أَوۡ لَا تَصۡبِرُواْ سَوَآءٌ عَلَيۡكُمۡۖ إِنَّمَا تُجۡزَوۡنَ مَا كُنتُمۡ تَعۡمَلُونَ} (16)

{ سَوَاء عَلَيْكُمْ } أي الأمران سواء عليكم في عدم النفع إذ كل لا يدفع العذاب ولا يخففه فسواء خبر مبتدأ محذوف وصح الإخبار به عن المثنى لأنه مصدر في الأصل ، وجوز كونه مبتدأ محذوف الخبر وليس بذاك ، وقوله تعالى : { إِنَّمَا تُجْزَوْنَ مَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ } تعليل للاستواء فإن الجزاء حيث كان متحتم الوقوع لسبق الوعيد به وقضائه سبحانه إياه بمقتضى عدله كان الصبر ودمه مستويين في عدم النفع .