البحر المحيط لأبي حيان الأندلسي - أبو حيان  
{ٱصۡلَوۡهَا فَٱصۡبِرُوٓاْ أَوۡ لَا تَصۡبِرُواْ سَوَآءٌ عَلَيۡكُمۡۖ إِنَّمَا تُجۡزَوۡنَ مَا كُنتُمۡ تَعۡمَلُونَ} (16)

ثم قيل لهم على قطع رجائهم : { فاصبروا أو لا تصبروا سواء عليكم } : عذابكم حتم ، فسواء صبركم وجزعكم لا بد من جزاء أعمالكم ، قاله ابن عطية .

وقال الزمخشري : { أفسحر هذا } ، يعني كنتم تقولون للوحي : هذا سحر .

{ أفسحر هذا } ، يريد : أهذا المصداق أيضاً سحر ؟ ودخلت الفاء لهذا المعنى .

{ أم أنتم لا تبصرون } : كما كنتم لا تبصرون في الدنيا ، يعني : أم أنتم عمي عن المخبر عنه ، كما كنتم عمياً عن الخبر ؟ وهذا تقريع وتهكم .

فإن قلت : لم علل استواء الصبر وعدمه بقوله : { إنما تجزون ما كنتم تعملون } ؟ قلت : لأن الصبر إنما يكون له مزية على الجزع لنفعه في العاقبة ، وبأن يجازى عليه الصابر جزاء الخير .

فأما الصبر على العذاب ، الذي هو الجزاء ولا عاقبة له ولا منفعة ، فلا مزية له على الجزع . انتهى .

وسحر : خبر مقدم ، وهذا : مبتدأ ، وسواء : مبتدأ ، والخبر محذوف ، أي الصبر والجزع .

وقال أبو البقاء : خبر مبتدأ محذوف ، أي صبركم وتركه سواء .

ولما ذكر حال الكفار ، ذكر حال المؤمنين ، ليقع الترهيب والترغيب ، وهو إخبار عن ما يؤول إليه حال المؤمنين ، أخبروا بذلك .

ويجوز أن يكون من جملة القول للكفار ، إذ ذلك زيادة في غمهم وتنكيد لهم ، والأول أظهر .