اللباب في علوم الكتاب لابن عادل - ابن عادل  
{ٱصۡلَوۡهَا فَٱصۡبِرُوٓاْ أَوۡ لَا تَصۡبِرُواْ سَوَآءٌ عَلَيۡكُمۡۖ إِنَّمَا تُجۡزَوۡنَ مَا كُنتُمۡ تَعۡمَلُونَ} (16)

قوله : اصْلَوْ( هَا ) {[53120]} أي إذْ لم يمكنكم إنكارها ، وتحقق أنه ليس بسحر ولا خَلَل في أبصاركم فاصْلَوْهَا{[53121]} ؛ أي قاسوا{[53122]} شدتها . { فاصبروا أَوْ لاَ تَصْبِرُوا } أي الصبر وعدمه سواءٌ ، وهذا بيان لعدم الخَلاص .

قوله : «سَوَاءٌ » فيه وجهان :

أحدهما : أنه خبر مبتدأ محذوف أي صبركم وتركه سواء . قاله أبو البقاء{[53123]} .

والثاني : أنه مبتدأ والخبر محذوف أي سواء الصبرُ والجزعُ ، قاله أبو حيان{[53124]} .

قال شَهابُ الدِّين : والأول أحسن ، لأن جعل النكرة خبراً أولى من جعلها مبتدأ وجعلِ المَعْرِفَةِ خبراً .

ونحا الزمخشري مَنْحَى الوجه الثاني فقال : «سواء » خبره محذوف أي سواء عليكم الصَّبْرَانه الصبرُ وَعَدَمُهُ{[53125]} .

قوله : { إِنَّمَا تُجْزَوْنَ مَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ } فيه لطيفة ، وهي أن المؤمن بإِيمانه اسْتَفَادَ أن الخير الذي يَنْويهِ يُثَابُ عَلَيْه ، والشَّرَّ الذي يقصِدُهُ ولا يقع منه لا يعاقَبُ عليه ولا ظلم ، فإن الله تعالى أخبره به وهو اختار ذلك ودخل ( فيه ){[53126]} باختياره ، فإن الله تعالى قال بأن من كفر ومات كافراً عذبته أبداً فاحذَرُوا ، ومن آمن أَثَبْتُهُ دائماً فمن ارتكب الكفر ودام عليه بعدما سمع ذلك فإذا عوقب دائماً فهو تحقيق لما أَوْعَدَ به{[53127]} فلا يكون ظلماً .


[53120]:لفظة (ها) ساقطة من (أ) الأصل.
[53121]:قال بهذا المعنى الرازي في مرجعه السابق.
[53122]:بينما قال بهذا المعنى البغوي في مرجعه السابق أيضا.
[53123]:التبيان 1183.
[53124]:البحر المحيط 8/148.
[53125]:الكشاف 4/23.
[53126]:ما بين القوسين من (ب).
[53127]:في (ب) وعده. والصحيح من (أ) كما في الرازي فإن معنى الوعد والوعيد والسياق تحتّم أصحية (أ).