تفسير القرآن الكريم لعبد الله شحاته - شحاته [إخفاء]  
{لَٰكِنِ ٱلَّذِينَ ٱتَّقَوۡاْ رَبَّهُمۡ لَهُمۡ غُرَفٞ مِّن فَوۡقِهَا غُرَفٞ مَّبۡنِيَّةٞ تَجۡرِي مِن تَحۡتِهَا ٱلۡأَنۡهَٰرُۖ وَعۡدَ ٱللَّهِ لَا يُخۡلِفُ ٱللَّهُ ٱلۡمِيعَادَ} (20)

المفردات :

لهم غرف : منازل رفيعة عالية في الجنة ، قد أُعدّ بناؤها قبل يوم القيامة .

التفسير :

20- { لكن الذين اتقوا ربهم لهم غرف من فوقها غرف مبينة تجري من تحتها الأنهار وعد الله لا يخلف الله الميعاد } .

لكن الذين خافوا عذاب الله ، وراقبوا الله وأخلصوا له العبادة : أعد الله لهم في الجنة غُرَفّا من فوقها غُرَف . وهي قصور عالية ، ذات طبقات مزخرفات ، قد تمّ بناؤها بحالة تشرح الصدر وتسرُّ العين ، فالأنهار تجري من تحتها لكمال بهجتها ، وزيادة رونقها ، وهذا وعد الله للمتقين المؤمنين ، ووعد الله ثابت لا ينقص ولا يخلف .

قال ابن عباس : غرف الجنة من زبرجد وياقوت .

وروى الإمام أحمد بسنده ، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : " إن في الجنة غرفا يُرى ظاهرها من باطنها ، وباطنها من ظاهرها ، أعدها الله لمن أطعم الطعام ، وألان الكلام ، وصلّى بالليل والناس نيام " {[590]} .

ونلاحظ أن النار دركات ، وأن الجنة درجات ، والآية تنطوي على ما أعد الله للمتقين من كرامة ومنزلة ونعيم مقيم ، في جنات مبنية بيد الرحمان وقدرته ، تجري من تحتها أنهار من خمر ، وأنهار من عسل ، وأنهار من لبن ، { ولهم فيها من كل الثمرات ومغفرة من ربهم . . . } ( محمد : 15 ) .


[590]:إن في الجنة غرفا ترى ظهورها: رواه الترمذي في البر (1984) وفي الجنة (2526) وأحمد في مسنده (1340) من حديث علي قال: قال النبي صلى الله عليه وسلم:" إن في الجنة غرفا ترى ظهورها من بطونها، وبطونها من ظهورها "، فقام أعرابي فقال: لمن هي يا رسول الله ؟ قال: " لمن أطاب الكلام وأطعم الطعام وأدام الصيام وصلى لله بالليل والناس نيام ". قال ابر عيسى: هذا حديث غريب.
 
التفسير الشامل لأمير عبد العزيز - أمير عبد العزيز [إخفاء]  
{لَٰكِنِ ٱلَّذِينَ ٱتَّقَوۡاْ رَبَّهُمۡ لَهُمۡ غُرَفٞ مِّن فَوۡقِهَا غُرَفٞ مَّبۡنِيَّةٞ تَجۡرِي مِن تَحۡتِهَا ٱلۡأَنۡهَٰرُۖ وَعۡدَ ٱللَّهِ لَا يُخۡلِفُ ٱللَّهُ ٱلۡمِيعَادَ} (20)

قوله : { لَكِنِ الَّذِينَ اتَّقَوْا رَبَّهُمْ لَهُمْ غُرَفٌ مِنْ فَوْقِهَا غُرَفٌ مَبْنِيَّةٌ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ } : لكن استدراك بين شيئين نقيضين أو ضدين وهما المؤمنون والكافرون . وذلك إخبار من الله عن أهل السعادة والنجاة في الآخرة ؛ إذ أعدّ الله لهم في الجنة منازلا وقصورا شامخات ، طباقا فوق طباق ، محكمات مزخرفات . وفي ذلك روى الإمام أحمد عن أبي هريرة – رضي الله عنه – قال : قلنا : يا رسول الله ، حدّثْنا عن الجنة ما بناؤها ؟ قال : " لبنةَ ذهب ولبنة فضة ، وملاطها المْسْك الأزفر وحصباؤها اللؤلؤ والياقوت وترابها الزعفران ، مَن يدخلها ينعم ولا يبأس ويخلدُ ولا يموت ولا تبلى ثيابه ولا يفنى شبابه . ثلاثة لا تُردُّ دعوتهم : الإمام العادل ، والصائم حتى يفطر ، ودعوة المظلوم تُحمل على الغمام وتفتح لها أبواب السماوات ويقول الربًُّ تبارك وتعالى : " وعزتي لأنصرنك ولو بعد حين " .

قوله : { تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ } : تنساب الأنهار جارية سائحة من تحت المنازل في الجنة وبين خلالها .

قوله : { وَعْدَ اللَّهِ لاَ يُخْلِفُ اللَّهُ الْمِيعَادَ } : { وَعْدَ } مصدر مؤكد لمضمون الجملة قبله يعني هذا الذي ذكرناه وعد وعده الله عباده المؤمنين . وهو سبحانه { لاَ يُخْلِفُ اللَّهُ الْمِيعَادَ } .