قوله : { لكن الذين اتقوا رَبَّهُمْ } استدراك بين شيئين نقيضين ، أو ( بين ) ضدين ، وهما المؤمنون والكافرون وقوله : { لَهُمْ غُرَفٌ مِّن فَوْقِهَا غُرَفٌ } وهذا كالمقابل لما ذكر في وصف الكفار : «لهم من فوقهم ظلل من النار ومن تحتهم ظلل » . والمعنى لهم منازل في الجنة رفيعة ، وفوقها منازل أرفع منها .
فإن قيل : ما معنى قوله «مبنية » ؟ فجوابه : أن المَنْزِل إذا بُني على مَنْزِلٍ آخر كان الفَوْقَاني أضعف بناءً من التَّحْتَانِيّ ، فقوله «مبنيةٌ » معناه أنه وإن كان فوق غيره لكنه في القوة والشدة مساوٍ المنزل الأسفل ، ثم قال : { تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الأنهار } وذلك معلوم .
قوله : { وَعْدَ الله } مصدر مؤكد لمضمون الجملة فهو منصوب بواجب الإضمار لأن قوله : { لَهُمْ غُرَفٌ } في معنى وَعَدَهُم اللَّهُ ذلك ، وفي الآية دقيقة شريفة وهي أنه تعالى في كثير من آيات الوعد يصرح بأن هذا وعد الله وأنه لا يخلف وعده ولم يذكر في آيات الوعيد البتة مثل هذا التأكيد والتقوية ، وذلك يدل أنّ جانب الوعد أرجح من جانب الوعيد بخلاف قول المعتزلة إنه قال في جانب الوعيد : { مَا يُبَدَّلُ القول لَدَيَّ وَمَآ أَنَاْ بِظَلاَّمٍ لِّلْعَبِيدِ } [ ق : 29 ] وأجيبوا بأن قوله : «ما يبدل القول لدي » ليس تصريحاً بجانب الوعيد بل هو عام يتناول القِسْمَيْن الوعد والوعيد فثبت أن الترجيح الذي ذكرنا حق . والله أعلم .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.