ولما ذكر سبحانه فيما سبق أن لأهل الشقاوة ظللا من فوقهم من النار ومن تحتهم ظللا استدرك عنهم من كان من أهل السعادة فقال : { لَكِنِ الَّذِينَ اتَّقَوْا رَبَّهُمْ لَهُمْ غُرَفٌ مِنْ فَوْقِهَا غُرَفٌ مَبْنِيَّةٌ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ وَعْدَ اللَّهِ لَا يُخْلِفُ اللَّهُ الْمِيعَادَ ( 20 ) }{ لَكِنِ الَّذِينَ اتَّقَوْا رَبَّهُمْ } وهم الذين خوطبوا بقوله { يا عباد فاتقون } ووصفوا بما عدد من الصفات الفاضلة ، وهم المخاطبون أيضا فيما سيق بقوله . { يا عباد الذين آمنوا اتقوا ربكم } الآية ، وقيل لكن ليست للاستدراك لأنه لم يأت قبله نفي ، بل هو إضراب عن قصة إلى قصة مخالفة للأولى .
{ لَهُمْ غُرَفٌ مِنْ فَوْقِهَا غُرَفٌ } أي منازل في الجنة رفيعة ، فوقها منازل هي أرفع منها ، وذلك لأن الجنة درجات بعضها فوق بعض وقوله لهم غرف في معنى وعدهم الله بذلك ، وعدا لا يخلفه وأنها { مَبْنِيَّةٌ } بناء المنازل في إحكام أساسها وقوة بنائها ، وإن كانت منازل الدنيا ليست بشيء بالنسبة إليها .
{ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ } أي من تحت تلك الغرف الفوقانية والتحتانية وفي ذلك كمال لبهجتها ، وزيادة لرونقها وانتصاب { وَعْدَ اللَّهِ } على المصدرية المؤكدة لمضمون الجملة لأن قوله لهم غرف في معنى وعدهم الله ذلك ، وجملة :
{ لَا يُخْلِفُ اللَّهُ الْمِيعَادَ } مقررة للوعد ، أي لا يخلف الله ما وعد به الفريقين من الخير والشر ، عن أبي سعيد الخدري رضي الله تعالى عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : ( إن أهل الجنة يتراؤون أهل الغرف من فوقهم كما يتراؤون الكوكب الدري الغابر في الأفق من المشرق ، أو المغرب ، لتفاضل ما بينهم ، فقالوا يا رسول الله تلك منازل الأنبياء لا يبلغها غيرهم ، قال بلى والذي نفسي بيده ، رجال آمنوا بالله وصدقوا المرسلين ) ، متفق عليه .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.