تفسير القرآن الكريم لعبد الله شحاته - شحاته [إخفاء]  
{وَلَقَدۡ ضَرَبۡنَا لِلنَّاسِ فِي هَٰذَا ٱلۡقُرۡءَانِ مِن كُلِّ مَثَلٖۚ وَلَئِن جِئۡتَهُم بِـَٔايَةٖ لَّيَقُولَنَّ ٱلَّذِينَ كَفَرُوٓاْ إِنۡ أَنتُمۡ إِلَّا مُبۡطِلُونَ} (58)

{ ولقد ضربنا للناس في هذا القرآن من كل مثل ولئن جئتهم بآية ليقولن الذين كفروا إن أنتم إلا مبطلون( 58 ) كذلك يطبع الله على قلوب الذين لا يعلمون( 59 ) فاصبر إن وعد الله حق ولا يستخفنك الذين لا يوقنون( 60 ) }

المفردات :

من كل مثل : من كل صفة عجيبة هي في غرابتها كالأمثال مثل : أدلة التوحيد وصدق الرسول صلى الله عليه وسلم وأدلة البعث والحشر والحساب والجزاء .

بآية : من آيات القرآن أو بمعجزة .

مبطلون : مزورون أصحاب أباطيل .

التفسير :

{ ولقد ضربنا للناس في هذا القرآن من كل مثل ولئن جئتهم بآية ليقولن الذين كفروا إن أنتم إلا مبطلون . }

قدمنا للناس في هذا القرآن من كل صفة عجيبة حيث اشتمل على بدء الخليقة وقصص الأنبياء والمرسلين وأحاديث الأمم السابقة ولفت الأنظار إلى هذا الكون العجيب وبيان أنعم الله على عباده وآيات الله في الكون والنفس والخلق والبعث والحشر والجزاء كل ذلك في أسلوب بديع وبيان معجز ينتقل بالإنسان من قصة إلى خبر إلى أحكام إلى عظة ، ومن نظام الدنيا إلى مشاهد الآخرة حيث صرف الله القول ونوع في أساليب الأحكام والعظات تنويعا كأنه المثل والقصة العجيبة .

قال تعالى : { وضربنا لكم الأمثال . . } ( إبراهيم : 45 ) .

وقال سبحانه : { ولقد صرفنا في هذا القرآن ليذكروا وما يزيدهم إلا نفورا } . ( الإسراء : 41 ) .

{ ولئن جئتهم بآية ليقولن الذين كفروا إن أنتم إلا مبطلون . }

أي : أقسم يا محمد لئن أتيتهم بآية جديدة من آيات القرآن الكريم أو بمعجزة جديدة مما اقترحوه أو من غير ما اقترحوه فلن يؤمنوا ولن يصدقوا وإنما يقابلون الآيات والمعجزات بالتكذيب وادعاء أنها سحر وباطل .

 
معالم التنزيل في تفسير القرآن الكريم للبغوي - البغوي [إخفاء]  
{وَلَقَدۡ ضَرَبۡنَا لِلنَّاسِ فِي هَٰذَا ٱلۡقُرۡءَانِ مِن كُلِّ مَثَلٖۚ وَلَئِن جِئۡتَهُم بِـَٔايَةٖ لَّيَقُولَنَّ ٱلَّذِينَ كَفَرُوٓاْ إِنۡ أَنتُمۡ إِلَّا مُبۡطِلُونَ} (58)

قوله تعالى : { ولقد ضربنا للناس في هذا القرآن من كل مثل ولئن جئتهم بآية ليقولن الذين كفروا إن أنتم إلا مبطلون } ما أنتم إلا على باطل .

 
نظم الدرر في تناسب الآيات و السور للبقاعي - البقاعي [إخفاء]  
{وَلَقَدۡ ضَرَبۡنَا لِلنَّاسِ فِي هَٰذَا ٱلۡقُرۡءَانِ مِن كُلِّ مَثَلٖۚ وَلَئِن جِئۡتَهُم بِـَٔايَةٖ لَّيَقُولَنَّ ٱلَّذِينَ كَفَرُوٓاْ إِنۡ أَنتُمۡ إِلَّا مُبۡطِلُونَ} (58)

ولما أبانت هذه السورة طرق الإيمان أيّ بيان ، وألقت على وجوه أهل{[53528]} الطغيان غاية الخزي والهوان ، وكان التقدير{[53529]} : لقد أتينا في هذه السورة خاصة بعد عموم ما في سائر القرآن بكل حجة لا تقوم لها الأمثال ، ولم{[53530]} نبق لأحد عذراً ولا شيئاً من إشكال ، لكونها ليس لها في وضوحها مثال ، عطف عليه قوله {[53531]}صارفاً الكلام{[53532]} إلى مقام العظمة تقبيحاً لمخالفتهم لما يأتي من قبله وترهيباً{[53533]} من الأخذ مؤكداً لأنهم ينكرون أن يكون في القرآن دلالة ، ومن أقر منهم مع الكفر فكفره قائم مقام إنكاره : { ولقد ضربنا } .

ولما كانت العناية فيها بالناس أكثر ، قال : { للناس } فقدمهم في الذكر { في هذا القرآن } أي عامة هذه السورة وغيرها { من كل مثل } أي{[53534]} معنى غريب هو أوضح وأثبت من أعلام الجبال ، في عبارة هي أرشق{[53535]} من سائر الأمثال .

ولما كان المختوم على مشاعرهم منهم لا يؤمنون بشيء{[53536]} . وكان ذلك من أدل دليل على علمه تعالى وقدرته ، قال مقسماً تكذيباً لقولهم في الاقتراحات {[53537]}خاصاً من أهل العلم والإيمان رأسهم ، دلالة على أن{[53538]} التصرف في القلوب من العظم بمكانة تجل عن الوصف ، معبراً بالشرط إعلاماً بأنه سبحانه لا يجب عليه شيء ، عاطفاً على نحو : فلم ينفعهم شيء من ذلك : { ولئن جئتهم } أي الناس عامة{[53539]} { بآية } أي دلالة واضحة على صدقك معجزة ، غير ما جئتهم به مما{[53540]} اقترحوه ووعدوا الإيمان به مرئية كانت أو مسموعة { ليقولن الذين كفروا } أي حكمنا بكفرهم غلظة وجفاء ، ودل على فرط عنادهم بقوله : { إن } أي ما ولما كان التخصيص{[53541]} بالغلظة أشد على النفس ، ضم إليه أتباعه تسلية وبياناً لعظيم شقاقهم فقال : { أنتم } أي أيها الآتي بالآية وأتباعه { إلا مبطلون* } أي من أهل العرافة في الباطل بالإتيان بما لا حقيقة له{[53542]} في صورة ما له حقيقة ، وأما الذين آمنوا فيقولون : نحن بهذه الآية مؤمنون .


[53528]:في ظ وم ومد: أولى.
[53529]:زيد من ظ وم ومد.
[53530]:من ظ وم ومد، وفي الأصل: لا.
[53531]:العبارة من هنا إلى "من الأخذ" ساقطة من م.
[53532]:في ظ: للكلام.
[53533]:من ظ ومد، وفي الأصل: ترغيبا.
[53534]:زيد من ظ وم ومد.
[53535]:في ظ: أوثق.
[53536]:في ظ ومد: لشيء.
[53537]:العبارة من هنا إلى "شيء من ذلك" ساقطة من م.
[53538]:في الأصل بياض ملأناه من ظ ومد.
[53539]:في ظ: خاصة.
[53540]:في ظ: ما.
[53541]:في ظ: التخليص.
[53542]:سقط من ظ.