{ آَمِنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَأَنْفِقُوا مِمَّا جَعَلَكُمْ مُسْتَخْلَفِينَ فِيهِ فَالَّذِينَ آَمَنُوا مِنْكُمْ وَأَنْفَقُوا لَهُمْ أَجْرٌ كَبِيرٌ ( 7 ) وَمَا لَكُمْ لَا تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالرَّسُولُ يَدْعُوكُمْ لِتُؤْمِنُوا بِرَبِّكُمْ وَقَدْ أَخَذَ مِيثَاقَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ ( 8 ) هُوَ الَّذِي يُنَزِّلُ عَلَى عَبْدِهِ آَيَاتٍ بَيِّنَاتٍ لِيُخْرِجَكُمْ مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ وَإِنَّ اللَّهَ بِكُمْ لَرَءُوفٌ رَحِيمٌ ( 9 ) وَمَا لَكُمْ أَلَّا تُنْفِقُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَلِلَّهِ مِيرَاثُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ لَا يَسْتَوِي مِنْكُمْ مَنْ أَنْفَقَ مِنْ قَبْلِ الْفَتْحِ وَقَاتَلَ أُولَئِكَ أَعْظَمُ دَرَجَةً مِنَ الَّذِينَ أَنْفَقُوا مِنْ بَعْدُ وَقَاتَلُوا وَكُلًّا وَعَدَ اللَّهُ الْحُسْنَى وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ ( 10 ) مَنْ ذَا الَّذِي يُقْرِضُ اللَّهَ قَرْضًا حَسَنًا فَيُضَاعِفَهُ لَهُ وَلَهُ أَجْرٌ كَرِيمٌ ( 11 ) }
مستخلفين فيه : جعلكم سبحانه خلفاء عنه في التصرف من غير أن تملكوه .
7- { آَمِنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَأَنْفِقُوا مِمَّا جَعَلَكُمْ مُسْتَخْلَفِينَ فِيهِ فَالَّذِينَ آَمَنُوا مِنْكُمْ وَأَنْفَقُوا لَهُمْ أَجْرٌ كَبِير } .
سبق أن بينت الآيات السابقة أن الملك بيد الله ، فهو سبحانه الأول والآخر ، والظاهر والباطن ، وهو مطلع على النوايا والخفايا ، وهنا نجد تربية إلهية للمؤمنين :
{ آَمِنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ . . . }
اصدقوا في إيمانكم بالله ، وأنه وحده هو الخالق المستحق للعبادة ، واصدقوا في إيمانكم بمحمد رسول الله ، وقد يُطلب من المؤمن الإيمان ، بمعنى : زيدوا في إيمانكم وبالغو في تضحياتكم ، والتزموا بطاعة أوامر الله ورسوله ، وأخلصوا النية .
قال تعالى : { يأيها الذين آمَنوا آمِنوا بالله ورسوله . . . } ( النساء : 136 ) .
{ وأنفقوا مما جعلكم مستخلفين فيه . . . }
في النظم الشيوعية نجد العناية متجهة لتفخيم أمر المجتمع وحقوقه ، وفي النظم الرأسمالية تتجه العناية إلى حرية الفرد في تثمير ماله ، أما النظام الإسلامي فقد اهتم بحق الفرد في التملك ، وحرّم العدوان على مال الآخرين ، فحرم السرقة والغصب ، والرشوة وأكل أموال الناس بالباطل ، ثم أوجب للمجتمع حقا في الزكاة والصدقة والنذر والكفارات ، فأوجد التعاون بين الفرد والمجتمع ، بحيث إنه جعل الغني موظفا ، اجتماعيا في ماله ، فالمال مال الله ، والغني مستخلف عن الله ، في رعاية المال وتثميره ، وإخراج الزكاة والصدقة منه .
أخرج الإمام مسلم ، والإمام البخاري ، عن عبد الله بن الشخير قال : انتهيت إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو يقول : " ألهاكم التكاثر ، يقول ابن آدم : مالي ، مالي ، وهل لك من مالك إلا ما أكلت فأفنيت ؟ أو لبست فأبليت ؟ أو تصدقت فأمضيت ؟ وما سوى ذلك فذاهب وتاركه للناس " 8
{ فَالَّذِينَ آَمَنُوا مِنْكُمْ وَأَنْفَقُوا لَهُمْ أَجْرٌ كَبِيرٌ } .
فالذين صدّقوا وآمنوا بربهم ورسوله ، وأنفقوا مما منحهم الله ، ومما جعلهم مستخلفين فيه ، لهم ثواب عظيم ، وأجر كبير وهو الجنة ، فيها ما تشتهيه الأنفس وتلذ الأعين وأنتم فيها خالدون .
{ وأنفقوا مما جعلكم مستخلفين فيه } يعني : الإنفاق في سبيل الله وطاعته ، وروي : أنها نزلت في الإنفاق في غزوة تبوك وعلى هذا روي أن قوله : { فالذين آمنوا منكم وأنفقوا } نزلت في عثمان بن عفان رضي الله عنه ، فإنه جهز جيش العسرة يومئذ ولفظ الآية مع ذلك عام وحكمها باق ، لجميع الناس وقوله : { مستخلفين فيه } يعني : أن الأموال التي بأيديكم إنما هي أموال الله لأنه خلقها ولكنه متعكم بها وجعلكم خلفاء بالتصرف فيها فأنتم فيها بمنزلة الوكلاء فلا تمنعوها من الإنفاق فيما أمركم مالكها أن تنفقوها فيه ويحتمل أن يكون جعلكم مستخلفين عمن كان قبلكم فورثتم عنه الأموال فأنفقوها قبل أن تخلفوها لمن بعدكم كما خلفها لكم من كان قبلكم ، والمقصود على كل وجه تحريض على الإنفاق وتزهيد في الدنيا .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.