تفسير القرآن الكريم لعبد الله شحاته - شحاته [إخفاء]  
{قُلۡ إِنَّ رَبِّي يَبۡسُطُ ٱلرِّزۡقَ لِمَن يَشَآءُ وَيَقۡدِرُ وَلَٰكِنَّ أَكۡثَرَ ٱلنَّاسِ لَا يَعۡلَمُونَ} (36)

{ قل إن ربي يبسط الرزق لمن يشاء ويقدر ولكن أكثر الناس لا يعلمون } .

المفردات :

يبسط الرزق : يوسعه امتحانا .

ويقدر : يضيقه ابتلاء .

لا يعلمون : الحكمة في التقتير على البعض والتوسيع على البعض .

التفسير :

إن الغنى والثروة والمال والرياش ليست دليلا على محبة الله للعبد ، وكذلك الفقر ليس دليلا على بغض الله له فالله تعالى له حكم إلهية عليا فهو يبسط الرزق لمن يشاء ويضيق ويقدر على من يشاء بحكمته العليا ولكن أكثر الناس لا يعلمون ذلك ألا ترى أنه سبحانه وتعالى ربما وسع على العاصي وضيق على المطيع وربما عكس الأمر وقد يوسع على المطيع والعاصي تارة ، ويضيق عليهما أخرى يفعل كل ذلك بحسب ما تقتضيه مشيئته المبنية على الحكم البالغة ، التي قد نعلمها وربما خفي علينا أمرها .

وفي الحديث الصحيح " أشدكم بلاء الأنبياء ثم الأولياء ثم الأمثل فالأمثل " . xiii

انظر على رسل الله صلوات الله وسلامه عليهم وغلى أولى العزم من الرسل كانوا أشد الناس بلاء وانظر إلى قارون وفرعون وهامان كانوا في غنى وملك وعظمة ، لكن العاقبة كانت للمرسلين وقد أهلك الله الكافرين .

يقول الشاعر :

ومن الدليل على القضاء وحكمه بؤس اللبيب وطيب عيش الأحمق

ويقول آخر :

كم عاقل عاقل أعيت مذاهبه *** وجاهل جاهل تلقاه مرزوقا

هذا الذي ترك الأفهام حائرة *** وصير العالم النحرير زنديقا

 
نظم الدرر في تناسب الآيات و السور للبقاعي - البقاعي [إخفاء]  
{قُلۡ إِنَّ رَبِّي يَبۡسُطُ ٱلرِّزۡقَ لِمَن يَشَآءُ وَيَقۡدِرُ وَلَٰكِنَّ أَكۡثَرَ ٱلنَّاسِ لَا يَعۡلَمُونَ} (36)

ولما كانت{[56960]} لشبهتهم هذه شعبتان {[56961]}تتعلق إحداهما{[56962]} بالذات والأخرى بالثمرات ، بدأ بالأولى لأنها أهم ، فقال مؤكداً{[56963]} تكذيباً لمن يظن أن سعيه يفيد في الرزق شيئاً لولا السعي ما كان : { قل } يا أكرم الخلق على الله ! مؤكداً لأجل إنكارهم لأن{[56964]} يوسع في الدنيا على{[56965]} من لا يرضى فعله : { إن ربي } أي المحسن إليّ بالإنعام بالسعادة الباقية { يبسط الرزق } أي يجدده في كل وقت أراده بالأموال والأولاد وغيرها { لمن يشاء ويقدر } أي يضيق على من يشاء منكم ومنا ومن غيرنا من سائر الأمم المخالفين لنا ولكم في{[56966]} الأصول مع{[56967]} أنه لا يمكن أن يكون جميع{[56968]} الموسع عليهم على ما هو حق عنده{[56969]} ومرضى له ، لاختلافهم في الأصول وتكفير بعضهم لبعض ، فإن الله معذب بعضهم لا محالة ، فبطلت شبهتهم ، وثبت أنه يفعل ما يشاء ابتلاء وامتحاناً ، فلا يدل البسط على الرضى ولا القبض على السخط - على ما عرف من سنته في هذه الدار { ولكن أكثر الناس } أي الذين لم يرتفعوا{[56970]} عن حد النوس والاضطراب { لا يعلمون * } أي ليس لهم علم ليتدبروا به ما ذكرنا{[56971]} من الأمر فيعلموا أنه ليس كل موسع عليه في دنياه سعيداً في عقباه .


[56960]:في م ومد: كان.
[56961]:من ظ وم ومد، وفي الأصل: متعلق أحدهما.
[56962]:من ظ وم ومد، وفي الأصل: متعلق أحدهما.
[56963]:زيد ف الأصل: تنبيها و، ولم تكن الزيادة في ظ وم ومد فحذفناها.
[56964]:من ظ وم ومد، وفي الأصل: أن.
[56965]:سقط من ظ.
[56966]:من م ومد، وفي الأصل وظ: مع.
[56967]:زيد من ظ وم ومد.
[56968]:من ظ وم ومد، وفي الأصل: جمع.
[56969]:من ظ وم ومد، وفي الأصل: عندهم.
[56970]:من ظ وم ومد، وفي الأصل: لم يرافعوا.
[56971]:من ظ وم ومد، وفي الأصل: ذكر.