تفسير القرآن الكريم لعبد الله شحاته - شحاته [إخفاء]  
{لِيُكَفِّرَ ٱللَّهُ عَنۡهُمۡ أَسۡوَأَ ٱلَّذِي عَمِلُواْ وَيَجۡزِيَهُمۡ أَجۡرَهُم بِأَحۡسَنِ ٱلَّذِي كَانُواْ يَعۡمَلُونَ} (35)

32

المفردات :

أسوأ الذي عملوا : أسوأ وأحسن بمعنى السيئ والحسن ، أو أسوأ ما عملوه من المعاصي قبل الإسلام .

بأحسن الذي كانوا يعملون : أي : يجزيهم على الطاعات بأحسن جزاء ، ويزيدهم في الثواب لفرط إخلاصهم .

التفسير :

35 –{ ليكفر الله عنهم أسوأ الذي عملوا ويجزيهم أجرهم بأحسن الذي كانوا يعملون } .

لقد صاروا في جوار الله تعالى ، وكرمه وفضله ، وحسن مثوبته ورعايته ، فأعطاهم في الجنة ما يشاءون من رفيع المنزلة ، وأحسن المنازل في الجنة جزاء إحسانهم ، وقد فعل الله بهم ذلك ليكفّر عنهم أسوأ الذي عملوا من الكفر والشرك قبل الإسلام ، أو المعاصي بعد الإسلام التي تابوا منها ، وليجزيهم أحسن الجزاء ، حيث يرفع درجة الحسن من أعمالهم إلى درجة أحسنها ، ويثيبهم على الحسن ثواب الأحسن ، فهم في زيادة القرب ، وفي زيادة الثواب والفضل من الله تعالى .

 
أيسر التفاسير لكلام العلي الكبير للجزائري - أبوبكر الجزائري [إخفاء]  
{لِيُكَفِّرَ ٱللَّهُ عَنۡهُمۡ أَسۡوَأَ ٱلَّذِي عَمِلُواْ وَيَجۡزِيَهُمۡ أَجۡرَهُم بِأَحۡسَنِ ٱلَّذِي كَانُواْ يَعۡمَلُونَ} (35)

شرح الكلمات :

{ ليكفر الله عنهم أسوأ الذي عملوا } : أي ييسر الله لهم ذلك ويوفقهم إليه ليكفر عنهم ذنوبهم .

المعنى :

قوله تعالى : { ليكفر عنهم أسوأ الذي عملوا } أي من الذنوب والآثام والخطايا والسيئات أي وفقهم للإِحسان ويسره لهم ، ليكفر عنهم أسوأ الذي عملوا وسيئه ويجزيهم أجرهم على إيمانهم وتقواهم وإحسانهم في ذلك بأحسن ما كانوا يعملون وحسنه أيضا وإنما يضاعف لهم الأجر فتكون الحسنات الصغيرة كالكبيرة فأصبح الجزاء كله على الأحسن والذي كانوا يعملون هو كل ما شرعه الله تعالى لعباده وتعبدهم به من الإِيمان وسائر الطاعات والقربات .

 
نظم الدرر في تناسب الآيات و السور للبقاعي - البقاعي [إخفاء]  
{لِيُكَفِّرَ ٱللَّهُ عَنۡهُمۡ أَسۡوَأَ ٱلَّذِي عَمِلُواْ وَيَجۡزِيَهُمۡ أَجۡرَهُم بِأَحۡسَنِ ٱلَّذِي كَانُواْ يَعۡمَلُونَ} (35)

ولما كان العاقل من قدم في كل أمر الأهم فالأهم فميز بين خير الخيرين فأتبعه ، وشر الشرين فاجتنبه ، كان المحسن من جعل أكبر ذنوبه نصب عينيه وعمل على هدمه ، فلذلك علل الإحسان بقوله : { ليكفر } أي يستر ستراً عظيماً كأنه قال : المحسنين الذين أحسنوا لهذا الغرض ، ويجوز أن يكون التعليل للجزاء ، وعبر بالاسم الأعظم لفتاً عن صفة الإحسان إشارة إلى عظيم الاجتهاد في العمل والإيذان بأنه لا يقدر على الغفران لمن يريد إلا مطلق التصرف فقال : { الله } أي الذي نصب المحسن جلاله وجماله بين عينيه ، فاستغرق في صفاته ابتغاء مرضاته ، فعبده كأنه يراه ، وحقق باعترافهم بالخطأ وقصدهم التكفير لما أهمهم فعلهم له بقوله : { عنهم أسوأ } العمل { الذي عملوا } وتابوا عنه بالندم والإقلاع والعزم على عدم العود وقد علم أنه إذا محي الأكبر انمحى الأصغر لأن الحسنات يذهبن السيئات ، فلله در أهل البصائر والإخلاص في الإعلان والسرائر ولما أخبر بالتطهير من اوضار السيىء ، أتبعه الإخبار بالتنوير بأنوار الحسن فقال : { ويجزيهم أجرهم } أي الذي تفضل عليهم بالوعد به .

ولما كان تعالى مفضلا يزيد العمل الصالح ويربيه ، زاد الجار في الجزاء إعلاماً بأنه يجعل الأعمال الصالحة كلها مثل أعلاها فقال : { بأحسن } ولما كان مقصود هذه السورة أخص من مقصود سورة النحل ، وكانت " الذي " و " من " أقل إبهاماً من " ما " قال : { الذي } أي العمل الذي ، وهو كالأول من إضافة الشيء إلى ما هو بعضه كخاتم فضة ، وأشار إلى مداومتهم على الخير بالتعبير بالكون والمضارع فقال : { كانوا يعملون * } مجددين له وقتاً بعد وقت لأنه في طبائعهم فهم عريقون في تعاطيه ، فمن كان في هذه الدار محسناً في وقت ما يعبد الله كأنه يراه فهو في الآخرة كل حين يراه ، قال القشيري ، ثم يجب أن يكون على أحسن الأعمال أحسن الثواب ، وأحسن الثواب الرؤية ، فيجب أن يكون على الدوام . وهذا استدلال قوي .