تفسير القرآن الكريم لعبد الله شحاته - شحاته [إخفاء]  
{إِنَّمَآ أَمۡوَٰلُكُمۡ وَأَوۡلَٰدُكُمۡ فِتۡنَةٞۚ وَٱللَّهُ عِندَهُۥٓ أَجۡرٌ عَظِيمٞ} (15)

14

المفردات :

فتنة : ابتلاء واختبار وامتحان .

التفسير :

15- { إِنَّمَا أَمْوَالُكُمْ وَأَوْلادُكُمْ فِتْنَةٌ وَاللَّهُ عِنْدَهُ أَجْرٌ عَظِيمٌ } .

المال والولد فتنة ، بمعنى اختبار وابتلاء ، لينظر الله إلى سلوك العبد تجاه هذه النعمة ، هل يؤدّي زكاة المال ؟ هل يتصدق على المحتاجين ؟ هل يساعد الضعفاء والمساكين ؟

وهل يتقي الله في الأولاد ، فيحسن تربيتهم وتعليمهم وتهذيبهم ؟ وهل يتماسك أمام الزوجة والأولاد ، فلا ينشغل بهم عن حقوق الله عليه ؟

كما قال سبحانه وتعالى : { يأيها الذين آمنوا لا تُلهكم أموالكم ولا أولادكم عن ذكر الله ومن يفعل ذلك فأولئك هم الخاسرون } . ( المنافقون : 9 ) .

والمراد بذكر الله : تذكّره وطاعته ، والتزام أوامره ، واجتناب نواهيه .

{ وَاللَّهُ عِنْدَهُ أَجْرٌ عَظِيمٌ } .

وعند الله ثواب عظيم ، وجزاء كريم في الدنيا والآخرة ، لمن آثر الحلال من الأموال ، وابتعد عن الحرام والشبهات ، وآثر الالتزام بأوامر الله في تربية أولاده وبناته ، فصانهم عن الحرام ، وحثهم على أداء الفرائض ، واجتناب المحرمات ، فهذا أهل للجزاء العظيم عند الله ، حيث يجعله من أهل القربى والزلفى والرضوان والنعيم المقيم .

أخرج البخاري ومسلم ، عن أبي سعيد الخدري قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " إن الله يقول لأهل الجنة : يا أهل الجنة ، فيقولون : لبيك ربنا وسعديك ، فيقول : هل رضيتم ؟ فيقولون : وما لنا لا نرضى وقد أعطيتنا ما لم تعط أحدا من خلقك ؟ فيقول : ألا أعطيكم لأفضل من ذلك ؟ قالوا : يا رب ، وأي شيء أفضل من ذلك ؟ فيقول : أُحلّ عليكم رضواني ، فلا أسخط عليكم أبدا " . xv

 
أيسر التفاسير لكلام العلي الكبير للجزائري - أبوبكر الجزائري [إخفاء]  
{إِنَّمَآ أَمۡوَٰلُكُمۡ وَأَوۡلَٰدُكُمۡ فِتۡنَةٞۚ وَٱللَّهُ عِندَهُۥٓ أَجۡرٌ عَظِيمٞ} (15)

شرح الكلمات :

{ إنما أموالكم وأولادكم فتنة } : أي بلاء واختبار لكم فاحذروا أن يصرفوكم عن طاعة الله أو يوقعوكم في معصيته .

{ والله عنده أجر عظيم } : أي فآثروا ما عنده تعالى على ما عندكم من مال وولد .

المعنى :

/د14

وقوله تعالى { إنما أموالكم وأولادكم فتنة والله عنده أجر عظيم } أي إنما أموالكم وأولادكم أي كل أموالكم وأولادكم فتنة واختبار من الله لكم هل تحسنون التصرف فيهم فلا تعصوا الله لأجلهم لا بترك واجب ولا بفعل ممنوع ، أو تسيئون التصرف فيحملكم حبهم على التفريط في طاعة الله أو التقصير في بعضها بترك واجب أو فعل حرام والله عنده أجر عظيم فآثروا ما عند الله على ما عندكم من مال وولد ، إن ما عند الله باق ، وما عندكم فانٍ ، فآثروا الباقي على الفاني .

الهداية

من الهداية :

- التحذير من فتنة المال والولد ووجوب التيقظ حتى لا يهلك المرء بولده وماله .

 
الجامع لأحكام القرآن للقرطبي - القرطبي [إخفاء]  
{إِنَّمَآ أَمۡوَٰلُكُمۡ وَأَوۡلَٰدُكُمۡ فِتۡنَةٞۚ وَٱللَّهُ عِندَهُۥٓ أَجۡرٌ عَظِيمٞ} (15)

قوله تعالى : " إنما أموالكم وأولادكم فتنة " أي بلاء واختبار يحملكم على كسب المحرم ومنع حق الله تعالى فلا تطيعوهم في معصية الله . وفي الحديث : ( يؤتى برجل يوم القيامة فيقال أكل عياله حسناته ) . وعن بعض السلف : العيال سوس الطاعات . وقال القتيبي : " فتنة " أي إغرام ، يقال : فتن الرجل بالمرأة أي شغف بها . وقيل : " فتنة " محنة . ومنه قول الشاعر :

لقد فتن الناس في دينهم *** وخلَّى ابن عفان شرا طويلا

وقال ابن مسعود : لا يقولن أحدكم اللهم اعصمني من الفتنة ؛ فإنه ليس أحد منكم يرجع إلى مال وأهل وولد إلا وهو مشتمل على فتنة ، ولكن ليقل : اللهم إني أعوذ بك من مضلات الفتن . وقال الحسن في قوله تعالى : " إن من أزواجكم " : أدخل " من " للتبعيض ؛ لأن كلهم ليسوا بأعداء . ولم يذكر " من " في قوله تعالى : " إنما أموالكم وأولادكم فتنة " لأنهما لا يخلوان من الفتنة واشتغال القلب بهما . روى الترمذي وغيره عن عبدالله بن بريدة عن أبيه قال : رأيت النبي صلى الله عليه وسلم يخطب ، فجاء الحسن والحسين - عليهما السلام - وعليهما قميصان أحمران ، يمشيان ويعثران ، فنزل صلى الله عليه وسلم فحملهما بين يديه ، ثم قال : ( صدق الله عز وجل إنما أموالكم وأولادكم فتنة . نظرت إلى هذين الصبيين يمشيان ويعثران فلم أصبر حتى قطعت حديثي ورفعتهما ) ثم أخذ في خطبته . " والله عنده أجر عظيم " يعني الجنة ، فهي الغاية ، ولا أجر أعظم منها في قول المفسرين . وفي الصحيحين واللفظ للبخاري - عن أبي سعيد الخدري قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( إن الله يقول لأهل الجنة يا أهل الجنة فيقولون لبيك ربنا وسعديك فيقول : هل رضيتم ؟ فيقولون : وما لنا لا نرضى وقد أعطيتنا ما لم تعط أحدا من خلقك فيقول : ألا أعطيكم أفضل من ذلك ؟ قالوا : يا رب وأي شيء أفضل من ذلك ؟ فيقول : أحل عليكم رضواني فلا أسخط عليكم بعده أبدا ) . ولا شك في أن الرضا غاية الآمال . وأنشد الصوفية في تحقيق ذلك :

امتحن الله به خلقه *** فالنار والجنة في قبضته

فهجره أعظم من ناره *** ووصله أطيب من جنته

 
التسهيل لعلوم التنزيل، لابن جزي - ابن جزي [إخفاء]  
{إِنَّمَآ أَمۡوَٰلُكُمۡ وَأَوۡلَٰدُكُمۡ فِتۡنَةٞۚ وَٱللَّهُ عِندَهُۥٓ أَجۡرٌ عَظِيمٞ} (15)

{ والله عنده أجر عظيم } ترغيب في الآخرة وتزهيد في الأموال والأولاد التي فتن الناس بها .