تفسير القرآن الكريم لعبد الله شحاته - شحاته [إخفاء]  
{وَأَمَّآ إِذَا مَا ٱبۡتَلَىٰهُ فَقَدَرَ عَلَيۡهِ رِزۡقَهُۥ فَيَقُولُ رَبِّيٓ أَهَٰنَنِ} (16)

المفردات :

فقدر عليه رزقه : ضيقه عليه .

التفسير :

16- وأما إذا ما ابتلاه فقدر عليه رزقه فيقول ربي أهانن .

أي : إذا اختبر الله الإنسان ، فضيق عليه في الرزق ، وجعله فقيرا قليل المال ، فيقول : إن الله أهانني بالفقر ، فليست لي كرامة عنده ، لذلك أصابني بالفقر والهوان .

وما علم هذا الإنسان أن الله يعطي الدنيا لمن يحب ولمن لا يحب ، فيغني الكافر والعاصي والمؤمن ، امتحانا لهم بهذا الخير ، أي يعاملهم المختبر ، هل يشكر الله في الغنى ، ويطيعه فيما فرضه عليه ، ويؤدي حق المال كما طلب الله ، أم لا يفعل ذلك ؟

والله تعالى يختبر بالفقر الكافر والمؤمن ، لا لهوانهما عليه ولكن لهوان الدنيا ، ويعامل الفقير معاملة المختبر الممتحن ، هل يشكر الله على ما أعطاه من نعم أخرى مثل العقل وسلامة الجوارح ، والإيمان وطاعة الرحمان ؟ وهل يصبر على الفقر أو المرض أو الكوارث ، أم يجزع ؟

قال تعالى : ونبلوكم بالشر والخير فتنة وإلينا ترجعون . ( الأنبياء : 35 ) .

فلله تعالى حكمة خفية في اختبار بعض الناس بالنعمة ، والمال والغنى ، والصحة والعافية ، والأولاد والأحفاد ، وصنوف النعم .

وله سبحانه حكمة خفيّة في اختبار بعض الناس بالنعمة ، والمال والغنى ، والصحة والعافية ، والأولاد والأحفاد ، وصنوف النعم .

وله سبحانه حكمة خفيّة في اختبار بعض الناس بالفقر أو الكوارث ، أو نقص الأموال والأولاد ، أو غير ذلك ، وهذا امتحان ، فقد ينجح الإنسان في الفقر ، فيصبر ويحتسب ، ويصاول الأعداء في الجهاد والكفاح ، ثم يفشل في الاختبار بالغنى والمال والجاه والسلطان ، والمؤمن الصادق يشكر على النعماء ، ويصبر على البأساء ، ويرضى بأسباب القضاء .

 
أيسر التفاسير لكلام العلي الكبير للجزائري - أبوبكر الجزائري [إخفاء]  
{وَأَمَّآ إِذَا مَا ٱبۡتَلَىٰهُ فَقَدَرَ عَلَيۡهِ رِزۡقَهُۥ فَيَقُولُ رَبِّيٓ أَهَٰنَنِ} (16)

شرح الكلمات :

{ ابتلاه } : أي اختبره .

{ فقدر عليه رزقه } : أي ضيقه ولم يوسعه عليه .

{ أهانن } : أي أذلني بالفقر ولم يشكر الله على ما وهبه من سلامة جوارحه والعافية في جسمه .

المعنى :

وأما إذا ما ابتلاه فقدر عليه رزقه فيقول ربي أهانن أي وأما إذا ما اختبره وضيق عليه

رزقه لينظر تعالى هل يصبر العبد المختبر أو يجزع فيقول ربي أهانن أي أذلني فأفقرني .

 
الوجيز في تفسير الكتاب العزيز للواحدي - الواحدي [إخفاء]  
{وَأَمَّآ إِذَا مَا ٱبۡتَلَىٰهُ فَقَدَرَ عَلَيۡهِ رِزۡقَهُۥ فَيَقُولُ رَبِّيٓ أَهَٰنَنِ} (16)

{ وأما إذا ما ابتلاه فقدر } فضيق { عليه رزقه فيقول ربي أهانن } يرى الهوان في قلة حظه من الدنيا وهذا صفة الكافر فأما المؤمن فالكرامة عنده أن يكرمه الله بطاعته والهوان أن يهينه بمعصيته

 
الجامع لأحكام القرآن للقرطبي - القرطبي [إخفاء]  
{وَأَمَّآ إِذَا مَا ٱبۡتَلَىٰهُ فَقَدَرَ عَلَيۡهِ رِزۡقَهُۥ فَيَقُولُ رَبِّيٓ أَهَٰنَنِ} (16)

" وأما إذا ما ابتلاه " أي امتحنه بالفقر واختبره . " فقدر " أي ضيق " عليه رزقه " على مقدار البُلغة . " فيقول ربي أهانني " أي أولاني هوانا . وهذه صفة الكافر الذي لا يؤمن بالبعث : وإنما الكرامة عنده والهوان بكثرة الحظ في الدنيا وقلته . فأما المؤمن فالكرامة عنده أن يكرمه اللّه بطاعته وتوفيقه ، المؤدي إلى حظ الآخرة ، وإن وسع عليه في الدنيا حمده وشكره .

قلت : الآيتان صفة كل كافر . وكثير من المسلمين يظن أن ما أعطاه اللّه لكرامته وفضيلته عند اللّه ، وربما يقول بجهله : لو لم أستحق هذا لم يعطينه اللّه . وكذا إن قتر عليه يظن أن ذلك لهوانه على اللّه . وقراءة العامة " فقدر " مخففة الدال . وقرأ ابن عامر مشددا ، وهما لغتان . والاختيار التخفيف ؛ لقوله : " ومن قدر عليه رزقه{[16053]} " [ الطلاق : 7 ] . قال أبو عمرو : " قدر " أي قتر . و " قدر " مشددا : هو أن يعطيه ما يكفيه ، ولو فعل به ذلك ما قال " ربي أهانن " . وقرأ أهل الحرمين وأبو عمرو " ربي " بفتح الياء في الموضعين . وأسكن الباقون . وأثبت البزي وابن محيصن ويعقوب الياء من " أكرمن " ، و " أهانن " في الحالين ؛ لأنها اسم فلا تحذف . وأثبتها المدنيون في الوصل دون الوقف ، اتباعا للمصحف . وخير أبو عمرو في إثباتها في الوصل أو حذفها ؛ لأنها رأس آية ، وحذفها في الوقف لخط المصحف . الباقون بحذفها ؛ لأنها وقعت في الموضعين بغير ياء ، والسنة ألا يخالف خط المصحف ؛ لأنه إجماع الصحابة .


[16053]:آية 7 سورة الطلاق.
 
نظم الدرر في تناسب الآيات و السور للبقاعي - البقاعي [إخفاء]  
{وَأَمَّآ إِذَا مَا ٱبۡتَلَىٰهُ فَقَدَرَ عَلَيۡهِ رِزۡقَهُۥ فَيَقُولُ رَبِّيٓ أَهَٰنَنِ} (16)

{ وأما } هو { إذا } وأكد على نمط الأول فقال : { ما ابتلاه } أي ربه ليظهر صبره أو جزعه .

ولما كان قوله في الأول " فأكرمه ونعمه " كناية عن " فوسع عليه " قابله هنا بقوله : { فقدر } أي ضيق تضييق من يعمل الأمر بحساب وتقدير { عليه رزقه } فهو كناية عن الضيق كما أن العطاء بغير حساب كناية عن السعة ، فجعله بمقدار ضرورته الذي لا يعيش عادة بدونه ، ولم يجعله فيه فضلاً عن ذلك ولم يقل " فأهانه " موضع " قدر عليه " تعليماً للأدب معه سبحانه وتعالى وصوناً لأهل الله عن هذه العبارة لأن أكثرهم مضيق عليه في دنياه ، ولأن ترك الإكرام لا ينحصر في كونه إهانة { فيقول } أي الإنسان بسبب الضيق : { ربي } أي المربي لي { أهانن * } فيهتم لذلك ويضيق به ذرعاً ، ويكون ذلك أكبر همه .