فتح البيان في مقاصد القرآن للقنوجي - صديق حسن خان  
{وَأَمَّآ إِذَا مَا ٱبۡتَلَىٰهُ فَقَدَرَ عَلَيۡهِ رِزۡقَهُۥ فَيَقُولُ رَبِّيٓ أَهَٰنَنِ} (16)

{ وأما إذا ما ابتلاه } أي اختبره وعامله معاملة من يختبره { فقدر عليه رزقه } أي ضيقه ولم يوسعه له ولا بسط له فيه { فيقول ربي أهانن } أي أولاني هوانا ، وهذه صفة الكافر الذي لا يؤمن بالبعث لأنه لا كرامة عنده إلا الدنيا والتوسع في متاعها ، ولا إهانة عنده إلا فوتها وعدم وصوله إلى ما يريد من زينتها ، فأما المؤمن فالكرامة عنده أن يكرمه الله بطاعته ويوفقه لعمل الآخرة ، ويحتمل أن يراد الإنسان على العموم لعدم تيقظه أن ما صار إليه من الخير وما أصيب به من الشر في الدنيا ليس إلا للاختبار والإمتحان ، وأن الدنيا بأسرها لا تعدل عند الله جناح بعوضة ولو كانت تعدل جناح بعوضة ما سقى كافرا منها شربة ماء .

قرئ بإثبات الياء في أكرمن وأهانن وصلا ، وحذفها وقفا ، وقرئ بإثباتها فيهما ، وقرئ بحذفها في الوصل والوقف اتباعا لرسم المصحف وموافقة لرؤوس الآي ، والأصل إثباتها لأنها اسم ، وقرأ الجمهور { فقدر } بالتخفيف وقرئ بالتشديد وهما لغتان ، وقرئ ربي بفتح الياء في الموضعين وبسكونها فيهما .