غرائب القرآن ورغائب الفرقان للحسن بن محمد النيسابوري - النيسابوري- الحسن بن محمد  
{وَأَمَّآ إِذَا مَا ٱبۡتَلَىٰهُ فَقَدَرَ عَلَيۡهِ رِزۡقَهُۥ فَيَقُولُ رَبِّيٓ أَهَٰنَنِ} (16)

1

{ وأما } هو فيقول ربي أهانن { إذا ما ابتلاه فقدر } أي ضيق { عليه رزقه } فقوله { فيقول } خبر المبتدأ في الموضعين { وإذا ما ابتلاه } ظرف ل { يقول }وإنما قال في جانب البسط { فأكرمه ونعمه } أي جعله ذا نعمة وثروة ولم يقل في طرف القبض " فأهانه وقدر عليه " لأن رحمته سبقت غضبه فلم يرد أن يصرح بإهانة عبده ، ولئلا يكون الكلام نصاً في أن القبض دليل الإهانة من الله ، فقد يكون سبباً لصلاح معاش العبد ومعاده . وأما البسط فهو إكرام في الظاهر الغالب ، والبسط لأجل الاستدراج قليل وعلى قلته فهو خير من خسران الدنيا والآخرة جميعاً .

وعلام توجه الإنكار والذّم ؟ فيه وجهان : أحدهما على قوله { ربي أهانن } فقط لأنه سمي ترك التفضل إهانة وقد لا يكون كذلك . والثاني على مجموع الأمرين لا من حيث مجموعهما بل على كل منهما . أما على دعوى الإهانة فكما قلنا ، وأما على دعوى الإكرام فلأنه اعتقد حصول الاستحقاق في ذلك الإكرام كقوله { إنما أوتيته على علم عندي } [ القصص :78 ] وكان عليه أن يرى ذلك محض الفضل والعناية منه تعالى ، أو لأنه قال في ذلك كبراً وافتخاراً وتكاثراً ، أو لأن هذا القول يشبه قول من لا يرى السعادة إلا في اللذات العاجلة ، أو قول من غفل عن الاستدراج والمكر . ويحتمل أن يتوجه الذم على مجموع الأمرين من حيث المجموع حتى لو قال في البسط " أكرمني " تحدثاً بنعمة الله ، وفي القبض لم يقل " أهانني " بل قال " الحمد لله على كل حال " لم يكن مذموماً .

/خ30