تفسير القرآن الكريم لعبد الله شحاته - شحاته [إخفاء]  
{وَأَنَّا مِنَّا ٱلۡمُسۡلِمُونَ وَمِنَّا ٱلۡقَٰسِطُونَۖ فَمَنۡ أَسۡلَمَ فَأُوْلَـٰٓئِكَ تَحَرَّوۡاْ رَشَدٗا} (14)

المفدرات :

القاسطون : الجائرون والمائلون عن طريق الحق .

تحروا رشدا : قصدوا طريق الحق والصواب .

حطبا : وقودا للنار .

التفسير :

14 ، 15- وأنّا منا المسلمون ومنا القاسطون فمن أسلم فأولئك تحرّوا رشدا* وأما القاسطون فكانوا لجهنم حطبا .

الجن طائفة منها المسلم المؤمن المستقيم الذي رجّح جانب الخير على جانب الشر ، شأن مسلم الإنس ، ومنهم الجائر الظالم .

فأما المسلم فقد اختار الرشد ، وبحث وتحرّى عن عقيدته التي يدين بها ، فاختار الإسلام ، وأما الكافرون الظالمون فقد آثروا الضلال والعناد ، فمآلهم جهنم ، وسوف يكونون وقود النار وحطبها .

روى عن سعيد بن جبير رحمه الله : أن الحجاج بن يوسف الثقفي قال له حين أراد قتله : ما تقول فيّ ؟ فقال سعيد : قاسط عادل ، فقال القوم : ما أحسن ما قال ، فقال الحجاج : يا جهلة ، إنه سمّاني ظالما مشركا ، وتلا لهم قوله تعالى : وأما القاسطون فكانوا لجهنم حطبا . وقوله عز وجل : ثم الذين كفروا بربهم يعدلون . ( الأنعام : 1 ) .

 
صفوة البيان لحسين مخلوف - حسنين مخلوف [إخفاء]  
{وَأَنَّا مِنَّا ٱلۡمُسۡلِمُونَ وَمِنَّا ٱلۡقَٰسِطُونَۖ فَمَنۡ أَسۡلَمَ فَأُوْلَـٰٓئِكَ تَحَرَّوۡاْ رَشَدٗا} (14)

{ ومنا القاسطون } الجائرون العادلون عن الإسلام وقصد السبيل . جمع قاسط ، أي عادل عن الحق . اسم فاعل من قسط الثلاثي بمعنى جار . بخلاف المقسط ، فإنه العادل إلى الحق ؛ من أقسط الرباعي بمعنى عدل . وحقيقة أقسط : أزال القسط وهو الجور ؛ فالهمزة فيه للسلب . { تحروا رشدا } قصدوا طريق الحق والهدى ، وتوخوه باجتهاد . يقال : حرى الشيء يحريه ، أي قصد حراه أي جانبه . وتجراه كذلك . والرشد : خلاف الغي ، ويستعمل استعمال الهداية .

 
تيسير الكريم المنان في تفسير القرآن لابن سعدي - ابن سعدي [إخفاء]  
{وَأَنَّا مِنَّا ٱلۡمُسۡلِمُونَ وَمِنَّا ٱلۡقَٰسِطُونَۖ فَمَنۡ أَسۡلَمَ فَأُوْلَـٰٓئِكَ تَحَرَّوۡاْ رَشَدٗا} (14)

{ وَأَنَّا مِنَّا الْمُسْلِمُونَ وَمِنَّا الْقَاسِطُونَ } أي : الجائرون العادلون عن الصراط المستقيم .

{ فَمَنْ أَسْلَمَ فَأُولَئِكَ تَحَرَّوْا رَشَدًا } أي : : أصابوا طريق الرشد ، الموصل لهم إلى الجنة ونعيمها .

 
الجامع التاريخي لبيان القرآن الكريم - مركز مبدع [إخفاء]  
{وَأَنَّا مِنَّا ٱلۡمُسۡلِمُونَ وَمِنَّا ٱلۡقَٰسِطُونَۖ فَمَنۡ أَسۡلَمَ فَأُوْلَـٰٓئِكَ تَحَرَّوۡاْ رَشَدٗا} (14)

تفسير مقاتل بن سليمان 150 هـ :

{وأنا منا المسلمون} يعني المخلصين، {ومنا القاسطون} يعني العادلين بالله وهم المردة.

{فمن أسلم} يقول: فمن أخلص لله عز وجل من كفار الجن {فأولئك تحروا رشدا} يعني أخلصوا بالرشد.

جامع البيان عن تأويل آي القرآن للطبري 310 هـ :

يقول تعالى ذكره مخبرا عن قيل النفر من الجن:"وأنّا مِنّا المُسْلِمُون "الذين قد خضعوا لله بالطاعة.

"وَمِنّا القاسِطُونَ" وهم الجائرون عن الإسلام وقصد السبيل.

عن ابن عباس، قوله: " وَمِنّا القاسِطُونَ" قال: العادلون عن الحقّ.

عن مجاهد، قوله: القاسِطُونَ قال: الظالمون.

" فَمَنْ أسْلَمَ فأُولَئِكَ تَحَرّوْا رَشَدا": فمن أسلم وخضع لله بالطاعة، فأولئك تعمدوا وترجّوا رشدا في دينهم.

تأويلات أهل السنة للماتريدي 333 هـ :

وقوله تعالى: {فمن أسلم فأولئك تحروا رشدا} التحري والتوخي، هو القصد؛ فكأنه يقول: قصد الرشد بالإسلام.

المحرر الوجيز في تفسير الكتاب العزيز لابن عطية 542 هـ :

وقسم الله تعالى بعد ذلك حال الناس في الآخرة على نحو ما قسم قائل الجن، فقوله: {وأنّا منا المسلمون ومنا القاسطون} والقاسط: الظالم، قاله مجاهد وقتادة والناس، والمقسط: العادل، وإنما هذا التقسيم ليذكر حال الطريقين من النجاة والهلكة، ويرغب في الإسلام من لم يدخل فيه، فالوجه أن يكون {فمن أسلم}، مخاطبة من الله تعالى لمحمد صلى الله عليه وسلم، ويؤيده ما بعده من الآيات، و {تحروا}: معناه طلبوا باجتهادهم...

في ظلال القرآن لسيد قطب 1387 هـ :

ثم يقررون تصورهم لحقيقة الهدى والضلال، والجزاء على الهدى والضلال: (وأنا منا المسلمون ومنا القاسطون. فمن أسلم فأولئك تحروا رشدا. وأما القاسطون فكانوا لجهنم حطبا).. والقاسطون: الجائرون المجانبون للعدل والصلاح. وقد جعلهم هذا النفر من الجن فريقا يقابل المسلمين. وفي هذا إيماءة لطيفة بليغة المدلول. فالمسلم عادل مصلح، يقابله القاسط: الجائر المفسد.. (فمن أسلم فأولئك تحروا رشدا).. والتعبير بلفظ (تحروا) يوحي بأن الاهتداء إلى الإسلام معناه الدقة في طلب الرشد والاهتداء -ضد الغي والضلال- ومعناه تحري الصواب واختياره عن معرفة وقصد بعد تبين ووضوح. وليس هو خبط عشواء ولا انسياقا بغير إدراك. ومعناه أنهم وصلوا فعلا إلى الصواب حين اختاروا الإسلام.. وهو معنى دقيق وجميل..

التحرير والتنوير لابن عاشور 1393 هـ :

أي أصبحنا بعد سماع القرآن منا المسلمون، أي الذين اتبعوا ما جاء به الإِسلام مما يليق بحالهم ومنا القاسطون، أي الكافرون المعرضون، وهذا تفصيل لقولهم: {وإنا منا الصالحون ومنا دون ذلك} [الجن: 11] لأن فيه تصريحاً بأن دون ذلك هو ضد الصلاح.

والظاهر أن من منتهى ما حكي عن الجن من المدرَكات التي عبر عنها بالقول وما عطف عليه، الظاهر أن هذا خارج عن الكلام المحكي عن الجن، وأنه كلام من جانب الله تعالى لموعظة المشركين من الناس فهو في معنى التذييل. وإنما قرن بالفاء لتفريعه على القصة لاستخلاص العبرة منها، فالتفريع تفريع كلام على كلام وليس تفريع معنى الكلام على معنى الكلام الذي قبله.

والتحري: طلب الحَرَا بفتحتين، وهو الشيء الذي ينبغي أن يفعل، يقال: بالحرّي أن تفعل كذا، وأحْرى أن تفعل.

والرشَد: الهدى والصواب، وتنوينه للتعظيم.

والمعنى: أن من آمن بالله فقد توخى سبب النجاة وما يحصل به الثواب لأن الرشد سبب ذلك.

 
الوجيز في تفسير الكتاب العزيز للواحدي - الواحدي [إخفاء]  
{وَأَنَّا مِنَّا ٱلۡمُسۡلِمُونَ وَمِنَّا ٱلۡقَٰسِطُونَۖ فَمَنۡ أَسۡلَمَ فَأُوْلَـٰٓئِكَ تَحَرَّوۡاْ رَشَدٗا} (14)

{ وأنا منا المسلمون ومنا القاسطون } الجائرون عن الحق { فمن أسلم فأولئك تحروا رشدا } قصدوا طريق الحق

 
الجامع لأحكام القرآن للقرطبي - القرطبي [إخفاء]  
{وَأَنَّا مِنَّا ٱلۡمُسۡلِمُونَ وَمِنَّا ٱلۡقَٰسِطُونَۖ فَمَنۡ أَسۡلَمَ فَأُوْلَـٰٓئِكَ تَحَرَّوۡاْ رَشَدٗا} (14)

قوله تعالى : " وأنا منا المسلمون ومنا القاسطون " أي وأنا بعد استماع القرآن مختلفون ، فمنا من أسلم ومنا من كفر . والقاسط : الجائر ، لأنه عادل عن الحق ، والمقسط : العادل ؛ لأنه عادل إلى الحق ، يقال : قسط : أي جار ، وأقسط : إذا عدل ، قال الشاعر :

قوم هم قتلوا ابنَ هند عُنْوَةً *** عَمْرًا وهم قَسَطُوا على النُّعْمَانِ

" فمن أسلم فأولئك تحروا رشدا " أي قصدوا طريق الحق وتوخوه ومنه تَحَرِّي القبلة

 
نظم الدرر في تناسب الآيات و السور للبقاعي - البقاعي [إخفاء]  
{وَأَنَّا مِنَّا ٱلۡمُسۡلِمُونَ وَمِنَّا ٱلۡقَٰسِطُونَۖ فَمَنۡ أَسۡلَمَ فَأُوْلَـٰٓئِكَ تَحَرَّوۡاْ رَشَدٗا} (14)

ولما كان هذا ظاهراً في أنهم أسلموا كلهم ، قالوا نافين لهذا الظاهر مؤكدين لأن إسلامهم مع{[69121]} {[69122]}شديد نفرتهم{[69123]} لا يكاد يصدق : { وأنا منا } أي أيها الجن { المسلمون } أي المخلصون في صفة الإسلام للهادي فأسلموه قيادهم فهم عريقون في ذلك مقسطون مستقيمون ، فلا يفارقون الدليل فهم على الصراط السوي العدل الرضي ، ومنا الجافون الكافرون { ومنا{[69124]} القاسطون } وهم الجائرون عن المنهج{[69125]} الأقوم الساقطون في المهامه{[69126]} المجاهل التي ليس بها{[69127]} معلم ، فهم بربهم كافرون ، ومنا المقسطون{[69128]} ، يقال : قسط - إذا جار جوراً ، أسقطه عن رتبة الإنسان إلى {[69129]}رتبة أدنى{[69130]} الحيوان ، وأقسط - إذا أزال الجور فعدل ، فالآية{[69131]} من الاحتباك : " المسلمون " يدل على الكافرين ، و " القاسطون " يدل على المقسطين .

ولما كانوا قد علموا مما{[69132]} سمعوا من القرآن أنه لا بد من البعث للجزاء ، سببوا عن هذه القسمة قولهم : { فمن أسلم } أي أوقع الإسلام كله بأن أسلم ظاهره وباطنه للدليل من الجن ومن{[69133]} غيرهم .

ولما كان في مقام الترغيب في الحق ، ربط بفعلهم ذلك{[69134]} تسبيباً عنه قوله مدحاً لهم : { فأولئك } أي العالو الرتبة { تحروا } أي توخوا{[69135]} وقصدوا مجتهدين { رشداً * } أي صواباً عظيماً وسداداً ، {[69136]}كان - لما{[69137]} عندهم من النقائص - شارداً عنهم{[69138]} فعالجوا أنفسهم حتى ملكوه فجعلوه لهم منزلاً ، من قولهم : الحرا - بالقصر : أفحوص القطاة يأوي إليه الظبي ، والناحية والموضع ، وما أحراه بكذا : ما أوجبه له ، وبالحرا أن يكون كذا أي خليق كونه ، وفلان حري بكذا أي خليق ، وقد يجيء بالحر - من غير ياء ، يراد به بالجهد ، وتحريت الشيء : قصدت ناحيته ، فكان لهم ذلك إلى الجنة سبباً ، ومن قسط فأولئك ضلوا فنالوا{[69139]} غياً وشططاً{[69140]} .


[69121]:-زيد من ظ وم.
[69122]:من ظ وم، وفي الأصل: تشديد مضرتهم.
[69123]:- من ظ وم، وفي الأصل: تشديد مضرتهم.
[69124]:- زيد في الأصل: أيضا، ولم تكن الزيادة في ظ وم فحذفناها.
[69125]:- من ظ وم، وفي الأصل: المنتهج.
[69126]:- من ظ وم، وفي الأصل: المهامة.
[69127]:- من ظ وم، وفي الأصل: لها.
[69128]:- من ظ وم، وفي الأصل: القاسطون.
[69129]:- من ظ وم، وفي الأصل: أدنى رتبة.
[69130]:- من ظ وم، وفي الأصل: أدنى رتبة.
[69131]:- من ظ وم، وفي الأصل: والآية.
[69132]:- من ظ وم، وفي الأصل: ما.
[69133]:- زيد من ظ وم.
[69134]:- من ظ وم، وفي الأصل: تسيبا عنهم.
[69135]:- من ظ وم، وفي الأصل: توخوا.
[69136]:- من ظ وم، وفي الأصل: ولما كان.
[69137]:- من ظ وم، وفي الأصل: ولما كان.
[69138]:- من ظ وم، وفي الأصل: عندهم.
[69139]:- زيد من ظ وم.
[69140]:- زيد في الأصل: انتهى، ولم تكن الزيادة في ظ وم فحذفناها.