تفسير القرآن الكريم لعبد الله شحاته - شحاته [إخفاء]  
{فَٱلۡمُقَسِّمَٰتِ أَمۡرًا} (4)

1

المفردات :

فالمقسمات أمرا : الملائكة التي تنفذ أوامر الله وقضاءه ، أو الرياح التي تقسم الأمطار بتصريف السحاب .

التفسير :

قال : { فالمقسمات أمرا } . قال : الملائكة .

فالله تعالى بدأ السورة بالقسم بالريح ، التي تذرو الرياح ، وتثير السحاب ، وتهز البحار والأمواج ، وتلقح النبات ، كما أقسم بالسحاب المثقل بالأمطار ، الذي يوزعه الله على عباده .

قال تعالى : { الله الذي يرسل الريح فتثير سحابا فيبسطه في السماء كيف يشاء ويجعله كسفا فترى الودق يخرج من خلاله فإذا أصاب به من يشاء من عباده إذا هم يستبشرون } . ( الروم : 48 ) .

وأقسم سبحانه بالسفن الجاريات في البحر كالأعلام ، التي تنقل البضائع والتجارة والأشخاص من بلد لآخر ، في سهولة ويسر .

وأقسم عز شأنه بصنوف الملائكة ، ومنهم الموكلون بالأرزاق ، وتوزيع الأمطار والخيرات بأمر الله تعالى ومشيئته .

قال تعالى : { قُلِ اللَّهُمَّ مَالِكَ الْمُلْكِ تُؤْتِي الْمُلْكَ مَنْ تَشَاءُ وَتَنْزِعُ الْمُلْكَ مِمَّنْ تَشَاءُ وَتُعِزُّ مَنْ تَشَاءُ وَتُذِلُّ مَنْ تَشَاءُ بِيَدِكَ الْخَيْرُ إِنَّكَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ ( 26 ) تُولِجُ اللَّيْلَ فِي النَّهَارِ وَتُولِجُ النَّهَارَ فِي اللَّيْلِ وَتُخْرِجُ الْحَيَّ مِنَ الْمَيِّتِ وَتُخْرِجُ الْمَيِّتَ مِنَ الْحَيِّ وَتَرْزُقُ مَنْ تَشَاءُ بِغَيْرِ حِسَابٍ ( 27 ) } . ( آل عمران : 26 ، 27 ) .

وكان من دعاء الرسول صلى الله عليه وسلم عند تلاوة هذه الآية : ( اللهم ارزقنا وأنت خير الرازقين ، وأنت حسبنا ونعم الوكيل ، ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم ) .

رأي آخر في تفسير الذاريات

من المفسرين من ذهب إلى أن القسم في صدر السورة للرياح وذروها للتراب ، وحملها السحاب وجريها في الهواء بيسر وسهولة ، وتقسيمها الأمطار .

   
تيسير الكريم المنان في تفسير القرآن لابن سعدي - ابن سعدي [إخفاء]  
{فَٱلۡمُقَسِّمَٰتِ أَمۡرًا} (4)

{ فالْمُقَسِّمَاتِ أَمْرًا } الملائكة التي تقسم الأمر وتدبره بإذن الله ، فكل منهم ، قد جعله الله على تدبير أمر من أمور الدنيا وأمور الآخرة لا يتعدى ما قدر له وما حد ورسم ، ولا ينقص منه .

 
الوجيز في تفسير الكتاب العزيز للواحدي - الواحدي [إخفاء]  
{فَٱلۡمُقَسِّمَٰتِ أَمۡرًا} (4)

< فالمقسمات أمرا } الملائكة تأتي بأمر مختلف من الخصب والجدب والمطر والموت والحوادث

 
التسهيل لعلوم التنزيل، لابن جزي - ابن جزي [إخفاء]  
{فَٱلۡمُقَسِّمَٰتِ أَمۡرًا} (4)

{ فالمقسمات أمرا } هي الملائكة تقسم أمر الملكوت من الأرزاق والآجال وغير ذلك ، وأمرا مفعول به ، وقيل : إن الحاملات وقرا : السفن ، وقيل : جميع الحيوان الحامل ، وقيل : إن الجاريات يسرا : السحاب ، وقيل : الجواري من الكواكب ، والأول أشهر وهو قول علي بن أبي طالب .

 
نظم الدرر في تناسب الآيات و السور للبقاعي - البقاعي [إخفاء]  
{فَٱلۡمُقَسِّمَٰتِ أَمۡرًا} (4)

ولما كان في غاية الدلالة على تمام القدرة بغريق محمولها في الأراضي المجتاحة ولا سيما إن تباعدت أماكن صبه ومواطن سكبه ، وكان ذلك التفريق هو-{[61296]} غاية الجري المترتب على الحمل المترتب على الذرو ، قال مسبباً معقباً مشيراً بالتفعيل ، إلى غرابة فصلها لقطراتها وبداعة تفريقها لرحمتها من عذابها{[61297]} ، وغير ذلك من أحوال الجاريات وتصريف الساريات : { فالمقسمات } أي من السحب{[61298]} بما تصرفها فيه الملائكة عليهم السلام ، وكذا السفن بما يصرفها الله به من الرياح اللينة أو{[61299]} العاصفة من سلامة وعطب وسرعة وإبطاء ، وكذا غيرهما من كل أمر تصرفه الملائكة بين العباد وتقسمه .

ولما كان المحمول مختلفاً كما تقدم ، قال جامعاً لذلك : { أمراً * } أي من الرحمة أو العذاب ، قال الرازي في اللوامع : وهذه أقسام يقسم الله بها ولا يقسم بها الخلق لأن قسم-{[61300]} الخلق استشهاد على صحة قولهم بمن يعلم السر كالعلانية وهو الله تعالى ، وقسم الخلائق إرادة تأكيد الخبر {[61301]}في نفوسهم فيقسم{[61302]} ببعض بدائع خلقه على وجه يوجب الاعتبار ويدل على توحيده ، فالرياح بهبوبها وسكونها لتأليف السحاب وتذرئة الطعام واختلاف الهواء وعصوفها مرة ولينها أخرى والسحاب بنحو وقوفها مثقلات بالماء من غير عماد وصرفها في وقت الغنى عنها بما لو دامت لأهلكت ، ولو انقطعت لم يقدر أحد على قطرة منها ، وبتفريق المطر وإلا هلك الحرث والنسل ، والسفن بتسخير البحر لجريانها وتقدير الريح لها بما لو زاد لغرق ، ولو ركد لأهلك ، والملائكة تقسم الأمور بأمر ربها ، كل ذلك دليل على وجود الصانع الحكيم ، والفاطر العليم ، القادر الماجد الكريم .


[61296]:زيد من مد.
[61297]:من مد، وفي الأصل: عداها.
[61298]:من مد، وفي الأصل: الصحاب.
[61299]:من مد، وفي الأصل "و".
[61300]:زيد من مد.
[61301]:سقط ما بين الرقمين من مد.
[61302]:سقط ما بين الرقمين من مد.