تفسير القرآن الكريم لعبد الله شحاته - شحاته [إخفاء]  
{يَوۡمَ نَبۡطِشُ ٱلۡبَطۡشَةَ ٱلۡكُبۡرَىٰٓ إِنَّا مُنتَقِمُونَ} (16)

المفردات :

نبطش : نعاقب بشدة ، والبطش هو الأخذ الشديد في كل شيء ، والبأس .

10

التفسير :

15 ، 16- { إنا كاشفوا العذاب قليلا إنكم عائدون * يوم نبطش البطشة الكبرى إنا منتقمون } .

عندما استغاث كفار مكة بالنبي صلى الله عليه وسلم ، رجاء أن يدعو الله لهم بنزول المطر ، استجاب النبي صلى الله عليه وسلم ودعا ربه فأنزل عليهم المطر ، وجاء الخصب وذهب القحط ، لكنهم لا وفاء لهم ، وما إن رأوا الخصب والنماء حتى عادوا إلى كفرهم وتكذيبهم للنبي صلى الله عليه وسلم ، فتوعدهم الله تعالى بانتقام شديد وذلك يوم بدر ، حيث قتلت صناديدهم ، وذل كبرياؤهم ، وقتل منهم سبعون ، وأسر منهم سبعون وفر الباقون .

ورجح الإمام فخر الدين الرازي في تفسيره ، وابن كثير في تفسيره ، أن البطشة الكبرى هي يوم القيامة .

جاء في ( صفوة التفاسير ) للأستاذ محمد علي الصابوني ما يأتي :

قال ابن مسعود : { البطشة الكبرى } . يوم بدر .

وقال ابن عباس : هي يوم القيامة .

وقال ابن كثير : والظاهر أن ذلك يوم القيامة ، وإن كان يوم بدر يوم بطشة أيضا .

وقال الرازي في التفسير الكبير :

القول بأن البطشة الكبرى هي يوم القيامة أصح ، لأن يوم بدر لا يبلغ هذا المبلغ الذي يوصف به هذا الوصف العظيم ، ولأن الانتقام التام إنما يحصل يوم القيامة ، ولما وصفت البطشة بكونها : { الكبرى } ، وجب أن تكون أعظم أنواع البطش على الإطلاق ، وذلك إنما يكون يوم القيامة . اه .

 
الجامع التاريخي لبيان القرآن الكريم - مركز مبدع [إخفاء]  
{يَوۡمَ نَبۡطِشُ ٱلۡبَطۡشَةَ ٱلۡكُبۡرَىٰٓ إِنَّا مُنتَقِمُونَ} (16)

تفسير مقاتل بن سليمان 150 هـ :

{يوم نبطش البطشة الكبرى} يعني العظمى، فكانت البطشة في المدينة يوم بدر، أكثر مما أصابهم من الجوع بمكة، فذلك قوله: {إنا منتقمون} بالقتل، وضرب الملائكة وجوههم وأدبارهم، وعجل الله أرواحهم إلى النار...

جامع البيان عن تأويل آي القرآن للطبري 310 هـ :

إنكم أيها المشركون إن كشفت عنكم العذاب النازل بكم، والضرّ الحالّ بكم، ثم عدتم في كفركم، ونقضتم عهدكم الذي عاهدتم ربكم، انتقمت منكم يوم أبطش بكم بطشتي الكبرى في عاجل الدنيا فأهلككم، وكشف الله عنهم فعادوا، فبطش بهم جلّ ثناؤه بطشته الكبرى في الدنيا، فأهلكهم قتلاً بالسيف.

وقد اختلف أهل التأويل في البطشة الكبرى؛ فقال بعضهم: هي بطشة الله بمشركي قريش يوم بدر...

وقال آخرون: بل هي بطشة الله بأعدائه يوم القيامة...

وقد بيّنا الصواب في ذلك فيما مضى، والعلة التي من أجلها اخترنا ما أخترنا من القول فيه.

النكت و العيون للماوردي 450 هـ :

{يَوْمَ نَبْطِشُ البَطْشَةَ الكُبْرَى} والبطشة الكبرى هي العقوبة الكبرى، وفيها قولان:.. يحتمل: ثالثاً: أنها قيام الساعة لأنها خاتمة بطشاته في الدنيا.

{إِنَّا مُنتَقِمُونَ} أي من أعدائنا.

وفي الفرق بين النقمة والعقوبة ثلاثة أوجه:

أحدها: أن العقوبة بعد المعصية لأنها من العاقبة، والنقمة قد تكون قبلها، قاله ابن عيسى.

الثاني: أن العقوبة قد تكون في المعاصي، والنقمة قد تكون في خلقه لأجله. الثالث: أن العقوبة ما تقدرت، والانتقام غير مقدر...

التبيان في تفسير القرآن للطوسي 460 هـ :

وقوله: (يوم نبطش البطشة الكبرى) فالبطش: الأخذ بشدة وقع الألم... وأكثر ما يكون بوقوع الضرب المتتابع، فأجري إفراغ الألم المتتابع مجراه...

وقوله (إنا منتقمون) إخبار منه تعالى أنه ينتقم من هؤلاء الكفار بإنزال العقوبة بهم، وقد فرق قوم بين النقمة والعقوبة: بأن النقمة ضد النعمة، والعقوبة ضد المثوبة، فهي مضمنة بأنها بعد المعصية في الصفة، وليس كذلك النقمة، وإنما تدل الحكمة على أنها لا تقع من الحكيم إلا لأجل المعصية.

المحرر الوجيز في تفسير الكتاب العزيز لابن عطية 542 هـ :

ثم أخبرهم بأنه ينتقم منهم بسبب هذا كله في يوم البطشة، وقدم اليوم وذكره على الذي عمل فيه تهمماً به وتخويفاً منه...

نظم الدرر في تناسب الآيات و السور للبقاعي 885 هـ :

لما كان اليوم قد يراد به الزمن المجتمع في حكم من الأحكام، وكان زمان الدخان إن كان المراد به القحط الذي كان قبل يوم بدر أو ما يقرب من الساعة يسمى يوماً واحداً لاتحاد ذلك الحكم، أبدل من {يوم الدخان} قوله تهديداً بشق الأكباد: {يوم نبطش} أي بما لنا من العظمة، والبطش: الأخذ بقوة {البطشة الكبرى} أي التي تنحل لها عراهم وتنخل بها عزائمهم وقواهم ولا يحتملها حقائقهم ولا مناهم، سواء كانت البطشة يوم بدر أو غيره فيخسر هنالك من كشف حال الابتلاء عن طغيانه، وتمرده على ربه وعصيانه، ويجوز أن يكون هذا ظرفاً لعائدون. ولما كان ما له سبحانه من الحلم وطول الإمهال موجباً لأهل البلادة والغلظة الشك في وعيده، قال مؤكداً {إنا منتقمون} أي ذلك صفة ثابتة لم نزل نفعلها بأعدائنا لنسر أضدادهم في أوليائنا...

التحرير والتنوير لابن عاشور 1393 هـ :

إن السامع يُثار في نفسه سؤال عن جزائهم حيث يعودون إلى التولي والطعْن فأجيب بأن الانتقام منهم هو البطشة الكبرى، وهي الانتقام التامّ، ولأجل هذا التطلع والتساؤل أكدَا بخبر بحرف التأكيد دفعاً للتردد...

الأمثل في تفسير كتاب الله المنزل - لجنة تأليف بإشراف الشيرازي 2009 هـ :

«منتقمون» من مادة الانتقام، وكما قلنا سابقاً فإنّها تعني العقوبة والجزاء، وإن كانت كلمة الانتقام تعطي معنى آخر في محادثاتنا اليومية في عصرنا الحاضر، حيث تعني العقوبة المقترنة بإخماد نار الغضب وتفريغ ما في القلب من انفعال وحب الانتقام، إلاّ أن هذا الأمر لا وجود له في المعنى اللغوي للكلمة.

 
الجامع لأحكام القرآن للقرطبي - القرطبي [إخفاء]  
{يَوۡمَ نَبۡطِشُ ٱلۡبَطۡشَةَ ٱلۡكُبۡرَىٰٓ إِنَّا مُنتَقِمُونَ} (16)

قوله تعالى : " يوم " محمول على ما دل عليه " منتقمون " ، أي ننتقم منهم يوم نبطش . وأبعده بعض النحويين بسبب أن ما بعد " إن " لا يفسر ما قبلها . وقيل : إن العامل فيه " منتقمون " . وهو بعيد أيضا ؛ لأن ما بعد " إن " لا يعمل فيما قبلها . ولا يحسن تعلقه بقوله : " عائدون " ولا بقوله : " إنا كاشفوا العذاب " ؛ إذ ليس المعنى عليه . ويجوز نصبه بإضمار فعل ، كأنه قال : ذكرهم أو أذكر . ويجوز أن يكون المعنى فإنهم عائدون ، فإذا عدتم أنتقم منكم يوم نبطش البطشة الكبرى . ولهذا وصل هذا بقصة فرعون ، فإنهم وعدوا موسى الإيمان إن كشف عنهم العذاب ، ثم لم يؤمنوا حتى غرقوا . وقيل : " إنا كاشفوا العذاب قليلا إنكم عائدون " كلام تام . ثم ابتدأ : " يوم نبطش البطشة الكبرى إنا منتقمون " أي ننتقم من جميع الكفار . وقيل : المعنى وارتقب الدخان وارتقب يوم نبطش ، فحذف واو العطف ، كما تقول : اتق النار اتق العذاب . و " البطشة الكبرى " في قول ابن مسعود : يوم بدر . وهو قول ابن عباس وأبي بن كعب ومجاهد والضحاك . وقيل : عذاب جهنم يوم القيامة ، قاله الحسن وعكرمة وابن عباس أيضا ، واختاره الزجاج . وقيل : دخان يقع في الدنيا ، أو جوع أو قحط يقع قبل يوم القيامة . الماوردي : ويحتمل أنها قيام الساعة ؛ لأنها خاتمة بطشاته في الدنيا . ويقال : انتقم الله منه ، أي عاقبه . والاسم منه النقمة{[13715]} والجمع النقمات . وقيل بالفرق بين النقمة والعقوبة ، فالعقوبة بعد المعصية لأنها من العاقبة . والنقمة قد تكون قبلها . قاله ابن عباس . وقيل : العقوبة ما تقدرت والانتقام غير مقدر .


[13715]:في كتب اللغة:" النقمة بالكسر والفتح وكفرحة جمع نقم ككلم وعنب وكلمات".
 
نظم الدرر في تناسب الآيات و السور للبقاعي - البقاعي [إخفاء]  
{يَوۡمَ نَبۡطِشُ ٱلۡبَطۡشَةَ ٱلۡكُبۡرَىٰٓ إِنَّا مُنتَقِمُونَ} (16)

ولما كان اليوم قد يراد به الزمن المجتمع في حكم من الأحكام ، وكان زمان الدخان [ إن-{[57387]} ] كان المراد به القحط الذي كان قبل يوم بدر أو{[57388]} ما يقرب من الساعة يسمى{[57389]} يوماً واحداً لاتحاد ذلك الحكم ، أبدل من { يوم الدخان } قوله تهديداً بشق الأكباد : { يوم نبطش } أي بما لنا من العظمة ، والبطش : الأخذ بقوة{[57390]} { البطشة الكبرى } [ أي-{[57391]} ] التي تنحل لها عراهم وتنخل بها{[57392]} عزائمهم وقواهم ولا يحتملها حقائقهم ولا مناهم ، سواء كانت البطشة يوم بدر أو غيره فيخسر{[57393]} هنالك من كشف حال الابتلاء عن طغيانه ، وتمرده على ربه وعصيانه ، ويجوز أن يكون هذا ظرفاً لعائدون . ولما كان ما له سبحانه من الحلم وطول الإمهال موجباً لأهل البلادة والغلظة الشك في وعيده ، قال مؤكداً { إنا منتقمون * } أي ذلك صفة ثابتة لم نزل نفعلها بأعدائنا لنسر أضدادهم في أوليائنا .


[57387]:زيد من مد.
[57388]:من مد، وفي الأصل و ظ"و".
[57389]:من ظ ومد، وفي الأصل: سيجى-كذا.
[57390]:من مد، وفي الأصل و ظ: بالقوة.
[57391]:زيد من ظ ومد.
[57392]:ليس في ظ ومد.
[57393]:من ظ ومد، وفي الأصل: فيسر.