تفسير ابن أبي زمنين - ابن أبي زمنين  
{يَوۡمَ نَبۡطِشُ ٱلۡبَطۡشَةَ ٱلۡكُبۡرَىٰٓ إِنَّا مُنتَقِمُونَ} (16)

{ يوم نبطش البطشة الكبرى } قال محمد : { يوم نبطش } منصوب بمعنى : واذكر يوم نبطش ، ويقال : يبطش بالرفع أيضا ، مثل : عكف يعكِف ويعكُف ، ومثل هذا كثير .

يحيى : عن المعلى ، عن الأعمش ، عن أبي وائل ، عن أبي الضحى ،

عن مسروق ، عن عبد الله بن مسعود أنه قيل له : ( ها هنا رجل يزعم أنه يأتي دخان قبل يوم القيامة فيأخذ بأسماع المنافقين وأبصارهم ، ويأخذ المؤمنين منه كهيئة الزكام ، وكان متكئا فغضب ؛ فجلس فقال : يا أيها الناس من علم علما فليقل به ، ومن لم يعلم فليقل : الله أعلم ؛ فإن من العلم أن يقول العبد لما لا يعلم : الله أعلم ، وقد قال الله لنبيه : { قل ما أسألكم عليه من أجر وما أنا من المتكلفين }[ ص :86 ] وسأخبركم عن الدخان : إن قريشا لما أبطئوا عن الإسلام ، دعا عليهم رسول الله ؛ فقال : اللهم أعني عليهم بسبع كسبع يوسف . فأصابهم الجوع ؛ حتى أكلوا الميتة والعظام ، حتى كان أحدهم يرى ما بينه وبين السماء دخانا من الجهد ، فذلك قوله : { فارتقب يوم تأتي السماء بدخان مبين( 10 ) } إلى قوله : { إنا مؤمنون( 12 ) } فسألوا أن يكشف عنهم العذاب فيؤمنوا ، قال الله : { أنى لهم الذكرى وقد جاءهم رسول مبين . . . } إلى قوله : { منتقمون } فكشف عنهم فعادوا في كفرهم ؛ فأخذهم يوم بدر ، فهو قوله : { يوم نبطش البطشة الكبرى } فكان عبد الله بن مسعود يقول : قد مضت البطشة والدخان واللزام والروم والقمر{[1243]} .

قال محمد : قيل للجوع : دخان ، ليبس الأرض في سنة الجدب ، وانقطاع النبات وارتفاع الغبار ، فشبه ما يرتفع منه بالدخان ، ومن كلامهم : جوع أغبر وسنة غبراء لسنة المجاعة .


[1243]:رواه أحمد في "المسند" (1/380،381، 441)، والبخاري (1007)، (1020)، (4693)، (4774)،(4821)، (4823)، ومسلم (1797)، والترمذي (3254)، والنسائي في (الكبرى) (6585)، عن ابن مسعود فذكره وبنحوه.