فتح البيان في مقاصد القرآن للقنوجي - صديق حسن خان  
{يَوۡمَ نَبۡطِشُ ٱلۡبَطۡشَةَ ٱلۡكُبۡرَىٰٓ إِنَّا مُنتَقِمُونَ} (16)

{ يَوْمَ نَبْطِشُ الْبَطْشَةَ الْكُبْرَى إِنَّا مُنْتَقِمُونَ } قرأ الجمهور نبطش بفتح النون وكسر الطاء أي نبطش بهم وقرئ بضم الطاء وهي لغة وقرئ بضم النون وكسر الطاء والظرف منصوب بإضمار اذكر ، وقيل بدل من { يَوْمَ تَأْتِي السَّمَاءُ } وقيل هو متعلق ب { مُنْتَقِمُونَ } ، وقيل بما دل عليه منتقمون ، وهو منتقم والبطشة الكبرى هي يوم بدر ، قاله الأكثر .

والمعنى أنهم لما عادوا إلى التكذيب والكفر بعد رفع العذاب عنهم انتقم منهم بوقعة بدر . وقال الحسن وعكرمة والمراد بها عذاب النار يوم القيامة ، واختار هذا الزجاج ، والأول أولى .

وعن ابن عباس أنه قال : قال ابن مسعود : البطشة الكبرى يوم بدر وأنا أقول هي يوم القيامة ، قال ابن كثير وهذا إسناد صحيح ، وقال ابن الخطيب هذا القول أصح لأن يوم بدر لا يبلغ هذا المبلغ الذي يوصف بهذا الوصف العظيم ، وأن الانتقام التام إنما يحصل يوم القيامة ، لقوله تعالى :

{ الْيَوْمَ تُجْزَى كُلُّ نَفْسٍ بِمَا كَسَبَتْ } وقال ابن كثير قبل هذا فسر ذلك ابن مسعود بيوم بدر ، وهذا قول جماعة ممن وافق ابن مسعود على تفسيره الدخان بما تقدم ، وروي أيضا عن ابن عباس من رواية العوفي عنه ، وعن أبيّ بن كعب وجماعة وهو محتمل والظاهر أن ذلك يوم القيامة ، وإن كان يوم بدر يوم بطشة كبرى أيضا انتهى .

قال الشوكاني : بل الظاهر أنه يوم بدر ، وإن كان يوم القيامة بطشة أكبر من كل بطشة ، فإن السياق مع قريش ، فتفسيره بالبطشة الخاصة لهم أولى من تفسيره بالبطشة التي تكون يوم القيامة لكل عاص من الإنس والجن انتهى .