جامع البيان في تفسير القرآن للإيجي - الإيجي محيي الدين  
{يَوۡمَ نَبۡطِشُ ٱلۡبَطۡشَةَ ٱلۡكُبۡرَىٰٓ إِنَّا مُنتَقِمُونَ} (16)

{ يوم نبطش البطشة الكبرى } ، هو يوم القيامة ، { إنا منتقمون{[4536]} } ، منهم ، والعامل في " يوم " فعل دل عليه " إنا منتقمون " ، لأن إن مانع من عمله فيما قبله ، أو بدل من : " يوم تأتي " ، وعن ابن مسعود رضي الله عنه وبعض آخر من السلف{[4537]} أن المراد من الدخان الظلمة التي في عام القحط من قلة الأمطار ، وكثرة الغبار ، أو ما يرى الجائع كهيئة الدخان من المجاعة من ضعف بصره ، وحين دعا عليهم رسول الله صلى الله عليه وسلم فالتجئوا وقالوا : ادع الله تعالى لئن يكشف عنا لنؤمن لك ، فدعا وكشف ولم يؤمنوا ، فانتقم الله تعالى منهم يوم بدر ، وهو البطشة الكبرى ،


[4536]:لما بين أن كفار مكة مصرون على كفرهم، بين أن كثيرا من المتقدمين أيضا كانوا كذلك، فبين حصول هذه الصفة في أكثر قوم فرعون، فقال: {ولقد فتنا قبلهم} الآية/ 12 كبير.
[4537]:قال ابن مسعود: من علم علما فليقل به، ومن لم يعلم فليقل: الله أعلم، وسأحدثكم إن قريشا لما استعصوا على رسول الله- صلى الله عليه وسلم- دعا عليهم، فقال:" اللهم اشدد وطأتك على مضر، واجعلها عليهم سنين كسني يوسف" فأصابهم الجهد حتى أكلوا الجيف والعظام، وكانوا يرون بين السماء والأرض الدخان، حتى إن الرجل يحدث الرجل فيسمع صوته ولا يرى المتكلم من الدخان فمشى أبو سفيان ونفر معه فناشدوه الله والرحم، وواعدوه بالإيمان بعد كشف العذاب، فلما كشف عنهم بدعائه- صلى الله عليه وسلم- رجعوا إلى حالهم، فرحم النبي- صلى الله عليه وسلم- وأرسل إليهم صدقة ومالا، وأنزل الله:{يوم نبطش البطشة الكبرى إنا منتقمون} /12 وجيز [أخرجه البخاري في "التفسير"، (4821)].