{ أأنتم أشدّ خلقا أم السماء بناها 27 رفع سمكها فسوّاها 28 وأغطش ليلها وأخرج ضحاها 29 والأرض بعد ذلك دحاها 30 أخرج منها ماءها ومرعاها 31 والجبال أرساها 32 متاعا لكم ولأنعمكم 33 }
رفع سمكها : جعل ثخنها مرتفعا نحو العلوّ .
فسوّاها : فجعلها مستوية الخلق بلا عيب .
27 ، 28- أأنتم أشد خلقا أم السماء بناها* رفع سمكها فسوّاها .
كانوا يستكثرون البعث بعد الموت والبلى ، وهنا يواجه القرآن الخلق أجمعين بأدلة القدرة والإحكام ، فالله تعالى خلق هذا الكون منذ بلايين السنين ، وتركه فترة مناسبة ليكون صالحا لحياة الإنسان عليه .
وهنا يوجّه هذا السؤال ، والمقصود به التحدّي : هل خلق الإنسان البسيط أكبر وأعقد أم خلق السماء العالية التي أوجدها الله القادر مرفوعة البناء ، بعيدة الفناء ، مستوية الأرجاء ، مكللة بالكواكب في الليلة الظلماء ؟
فسوّاها . بوضع كل جرم في موضعه حسبما اقتضته الحكمة ، وجعل السماء مستوية لا ارتفاع فيها ولا انخفاض .
وبعد أن أورد قصص موسى وفرعون هذه عاد إلى مخاطبة الجاحدين المنكرين من قريش بأن من خَلَقَ هذا الكونَ العجيب الكبير وما فيه ،
لا يُعجِزه بعثهم من جديد بعد موتهم .
فإن كانوا قد غفلوا عن أنه خالقُهم ، فلْينظروا إلى السماءِ والى الأرضِ ليعلموا من خَلَقَهما وأنشأهما .
{ أَأَنتُمْ أَشَدُّ خَلْقاً أَمِ السمآء بَنَاهَا } .
أيّهما أعظم : إعادةٌ الناس كما بدأهم أولَ مرة أم إنشاء السماء في هذا النظام البديع الذي لا يختلف ولا يختلّ بل يسير فيه كل جرم في مداره !
ولما ختم {[71500]}قصة فرعون - لعنه الله{[71501]} - بالعبرة ، وكان أعظم عبرتها القدرة التامة لا سيما على البعث كما هي مشيرة إليه بأولها وآخرها ، والعقوبة على التكذيب به لأن التكذيب به-{[71502]} يجمع مجامع الشر-{[71503]} والتصديق به يجمع مجامع الخير ، وكانوا يستبعدونه لاستبعاد القدرة عليه ، وصل به ما هو كالنتيجة منه ، فقال مقرراً مخاطباً لأصحاب الشبهة{[71504]} الشاكين موقفاً لهم على القدرة منكراً{[71505]} عليهم استبعادهم ذلك ملتفتاً بعد تخصيص الخطاب به صلى الله عليه وسلم لما تقدم من دقة فهمه وجلالة علمه صلى الله عليه وسلم-{[71506]} إلى عموم الخطاب لوضوح هذا البرهان لكل إنسان استعطافاً بهم في توبيخ : { أأنتم } أي أيها الأحياء مع كونكم خلقاً ضعيفاً-{[71507]} { أشد خلقاً } أي أصعب وأثقل من جهة التقدير والإيجاد { أم السماء } على ما فيها من السعة والكبر والعلو والمنافع .
ولما كان الجواب قطعاً : السماء - لما يرى من أعظمها لأن العالم الإنساني{[71508]} مختصر العالم الآفاقي ، ويزيد الآفاقي طول البقاء مع عدم التأثر ، وصل به قوله دليلاً على قدرته على البعث لقدرته على ما هو أشد منه لأن الذي قدر على ابتداء الأكبر هو{[71509]} على إعادة الأصغر أقدر{[71510]} ، مبيناً لكيفية خلقه لها : { بناها * } أي جعلها سقفاً للأرض على ما لها من العظمة ،
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.